تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لذا رقمت هذه السطور مبينا عدم صحة القاعدة المذكورة،وأن ((الأصل في الناس الجهالة لاالعدالة)) فنقضت ـ بعون الله ـ عليهم مااعتلوه،وبينت زيف مابهرجوه،وقبل الدخول في بيان المسألة،أذكر تعريف العدالة وشرائطها ومن ثم ندلف للمقصود.

العدالة لغة:

العدالة مصدر عدُل_بالضم_،يقال: عَدَل وعُدُولة فهو عَدْل:

أي رضا ومَقْنَعٌ في الشهادة، قال كثير:

وبايعت ليلى في الخلاء ولم يكن ... شهودٌ على ليلى عدُول مَقَانِعُ

ويقال: رجلٌ عَدْلٌ ورجلان عَدْلٌ ورجالٌ عَدْلٌ وامرأةٌعَدْلٌ ونِسْوةٌ عَدْلٌ، وكل ذلك على معنى رجالٌ ذوو عَدْلٍ ونِسوةٌ ذوات عدل، فهو لايثنى ولايجمع ولايؤنث، فإن رأيته مجموعاً أو مثنى أو مؤنثاً، فعلى أنه قد أُجْري مجرى الوصف الذي ليس بمصدر.

وأما العَدْل الذي هو ضد الجَوْر، فهو مصدر قولك: عَدَلَفي الأمر فهو عادل، وتعديلُ الشيء تقويمه، يقال: عدَّلَهُ تعديلاً فاعْتَدَلَ:أي قومه فاستقام وكل مُثَقَّفٍ مُعْتَدِلٌ، وتعديلُ الشاهِد نسبته إلى العدالة (1).

فالعدالة في اللغة: التوسط في الأمر من غيرزيادة ولانقصان (2).

العدالة إصطلاحاً:

قال ابن اللحام الحنبلي:

((وهي محافظة دينية تحمل على ملازمة التقوى والمروءة، ليس معها بدعة،وتتحقق باجتناب الكبائر وترك الإصرار على الصغائر وبعض المباح)) (3).

وقال ابن حجر:

((ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة، والمراد بالتقوى: اجتناب الأعمال السيئة من شرك أوفسق أو بدعة)) (4).

وقال ابن السمعاني:

((لابد في العدل من أربع شرائط:

المحافظة على فعل الطاعة، واجتناب المعصية، وأن لايركتب من الصغائر مايقدح في دين أو عرض، وأن لايفعل من المباحات مايسقط القدر ويُكسبُ الندم، وأن لايعتقد من المذاهب مايردُّهُ أصول الشرع)) (5).

وإلى الشروع في المقصود:

أولا ـ ذكر الأدلة الدالة على أن الأصل في المسلم الجهالة:

1) قال تعالى {ممن ترضون من الشهداء} [البقرة:282].

قال ابن جرير: ((وقوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} يعني من العدول المرتضى دينهم وصلاحهم)) (6).

وقال القرطبي: ((دل على أن في الشهود من لايرضى؛فيجيء من ذلك أن الناس ليسوا محمولين على العدالة حتى تثبت لهم وذلك معنى زائد على الإسلام،وهذا قول الجمهور.

وقال أبو حنيفة: كل مسلم ظاهر الإسلام مع السلامة من فسق ظاهر فهو عدل وإن كان مجهول الحال،وقال شريح وعثمان البتي وأبو ثور: هم عدول المسلمين وإن كانوا عبيدا.

قلت: فعمموا الحكم،ويلزم منه قبول شهادة البدوي على القروي إذا كان عدلا مرضيا وبه قال الشافعي ومن وافقه وهو من رجالنا وأهل ديننا وكونه بدويا ككونه من بلد آخر والعمومات في القرآن الدالة على قبول شهادة العدول تسوي بين البدوي والقروي،قال الله تعالى: {ممن ترضون من الشهداء}، وقال تعالى: {واشهدوا ذوي عدل منكم} خطاب للمسلمين،وهذا يقتضي قطعا أن يكون معنى العدالة زائدا على الإسلام ضرورة لأن الصفة زائدة على الموصوف،وكذلك من ترضون مثله خلاف ماقاله أبو حنيفة ثم لايعلم كونه مرضيا حتى يختبر حاله فيلزمه أن لايكتفي بظاهر الإسلام، .... قال علماؤنا:العدالة هي الاعتدال في الأحوال الدينية وذلك يتم بأن يكون مجتنبا للكبائر محافظا على مروءته وعلى ترك الصغائر ظاهر الأمانة غير مغفل،وقيل: صفاء السريرة واستقامة السيرة في ظن المعدل والمعنى متقارب)) (7).

2) قال تعالى: {وحملها الإنسان إنه كان ظلوما ًجهولا} [الأحزاب:72].

قال ابن تيمية: ((أَمَّا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: الْأَصْلُ فِي الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ فَهُوَ بَاطِلٌ ; بَلْ الْأَصْلُ فِي بَنِي آدَمَ الظُّلْمُ وَالْجَهْلُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} وَمُجَرَّدُ التَّكَلُّمِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَا يُوجِبُ انْتِقَالَ الْإِنْسَانِ عَنْ الظُّلْمِ وَالْجَهْلِ إلَى الْعَدْلِ)) (8).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير