تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثالثة هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام من العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط وإن لم تزد على اثني عشر شهرا لأنها مختلفة الأعداد منها ما يزيد على ثلاثين ومنها ما ينقص وشهور العرب لا تزيد على ثلاثين وإن كان منها ما ينقص والذي ينقص ليس يتعين له شهر وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب اختلاف سير القمر في البروج

الرابعة قوله تعالى (منها أربعة حرم) الأشهر الحرم المذكورة في هذه الآية ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب الذي بين جمادي الآخرة وشعبان وهو رجب مضر ((وقيل له رجب مضر لأن ربيعة بن نزار كانوا يحرمون شهر رمضان ويسمونه رجبا)) وكانت مضر تحرم رجبا نفسه فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه الذي بين جمادى وشعبان ورفع ما وقع في اسمه من الاختلال بالبيان وكانت العرب أيضا تسميه منصل الأسنةروي البخاري عن أبي رجاء العطاردي واسمه عمران بن ملحان وقيل عمران بن تيم قال كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر فإذا لم نجد حجرا جمعنا حثوة من تراب ثم جئنا بالشاء فحلبنا عليه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا منصل الأسنة فلم ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناها) انتهى.

وأما الاستدلال بالحديث الذي في صحيح مسلم: عَنْ عَبْدِ اللهِ مَوْلَىَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ خَالَ وَلَدِ عَطَاءٍ قَالَ: أَرْسَلَتْنِي أَسْمَاءُ إِلَىَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَتْ:

بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ ثَلاَثَةً: الْعَلَمَ فِي الثَّوْبِ، وَمِيثَرَةَ الأُرْجُوَانِ، وَصَوْمَ رَجَبٍ كُلِّهِ.

فَقَالَ لِي عَبْدُ اللهِ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ رَجَبٍ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الأَبَدَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ".

فهذا حجة على من يقول باستحباب صيام رجب كله فابن عمر كأبيه كان ينهى عن صيام رجب كله، وأما وجود من كان يفعل ذلك فنعم كان يوجد وقد نهاهم عمر رضي الله عنه عن ذلك وكفى به حجة

وقد كان عمر رضي الله عنه ينهى عن صيام رجب لما فيه من التشبه بالجاهلية كما ورد عن خرشة بن الحر قال: رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية. (الإرواء 957 وقال الألباني: صحيح)

وللشيخ الألباني رحمه الله توجيه لهذا الأمر في إرواء الغليل (4/ 114 - 115)

قال رحمه الله (وهى نص على أن نهي عمر رضي الله عنه عن صوم رجب المفهوم. من ضربه للمترجبين كما في الاثر الممقدم ليس نهيا لذاته بل لكى لا يلتزموا صيامه ويتموه كما يفعلون برمضان، وهذا ما صرح به بعض الصحابة، فقد أورد ابن قدامة في (المغنى) (3/ 167) عقب اثر ابن عمر هذا من رواية أحمد عن أبى بكرة: (أنه دخل على أهله، وعندهم سلال جدد وكيزان، فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجب نصومه، فقال: أجعلتم رجب رمضان؟! فأكفا السلال وكسر الكيزان). ثم قال ابن قدامة عقبه: (قال أحمد: من كان يصوم السنة صامه، والا فلا يصومه متواليا، يفطر فيه، ولا يشبه برمضان). ويظهر أن رأي ابن عمر في كراهة صوم رجب كله كان شائعا عنه في زمانه وأن بعض الناس أساء فهما عنه فنسب إليه أنه يقول بتحريم هذا الصوم، فقد قال عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر: (أرسلتني أسماء إلى عبد الله بن عمر فقالت، بلغني أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم في الثوب، وميثرة الارجوان، وصوم رجب كله! فقال لي عبد الله: أما ما ذكرت من رجب فكيف بمن يصوم الابد. . .). أخرجه مسلم (6/ 139) وأحمد (1/ 26). وعليه يشكل قوله في هذه الرواية: (فكيف بمن يصوم الابد)، فقد فسروه بانه إنكار منه لما بلغ أسماء من تحريمه، وإخبار منه أنه يصوم رجبا كله، وأنه يصوم الابد. كما في شرح مسلم للنووي، و (السراج الوهاج) لصديق حسن خان (2/ 285). فلعل التوفيق بين صومه لرجب، وكراهته لذلك، أن تحمل الكراهة على افراد رجب بالصوم كما يفرد رمضان به، فاما صيامه في جملة ما يصوم فليس / صفحة 116 / مكروها عنده. والله أعلم) انتهى.

ـ[الأجهوري]ــــــــ[31 - 08 - 03, 12:05 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخرج الإمام مسلم -رحمه الله- في الصحيح عن

عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ الأَنْصَارِىُّ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ صَوْمِ رَجَبٍ - وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ فِى رَجَبٍ - فَقَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ. وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يَصُومُ.

قال الإمام النووي -رحمه الله:

الظاهر أن مراد سعيد بن جبير بهذا الاستدلال أنه لا نهي عنه , ولا ندب فيه لعينه , بل له حكم باقي الشهور , ولم يثبت في صوم رجب نهي ولا ندب لعينه , ولكن أصل الصوم مندوب إليه.

وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب إلى الصوم من الأشهر الحرم , ورجب أحدها. والله أعلم. اهـ

و تفصيل الكلام الذي أجمله الإمام النووي -رحمه الله- لايخفى على أحد مع ملاحظة أن حديث أبي داود ضعفه الشيخ الألباني -رحمه الله.

ولكن يبقى أن الصيام في شهر رجب له اجر أعظم لكونه من الأشهر الحرم، التي تعظم فيها الطاعه وتزداد فيها حرمة المعاصي، وكذلك كل مكان وزمان شريفين.

و السلام عليكم روحمة الله وبركاته

د. أحمد عيد الأجهوري

[email protected]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير