تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لك أَن اخلصك مما أَنت فيه وتبيعني دار الأَرقم، فإن أَمير المؤمنين يريدها، وعسى أَن بعته اياها ان اكلمه فيك فيعفو عنك، قال: انها صدقة، ولكن حقي منها له ومعي فيها شركاءُ اخوتي وغيرهم، فقال: انما عليك نفسك اعطنا حقك وبرئت، فاشهد له بحقه وكتب عليه كتاب شرى على حساب سبعة عشر ألف دينار، ثم تتبع اخوته ففتنتهم كثرة المال فباعوه، فصارت لأبي جعفر ولمن اقطعها، ثم صيرها المهدي للخيزران أم موسى وهارون فبنتها وعرفت بها، ثم صارت لجعفر بن موسى أَمير المؤمنين، ثم سكنها أَصحاب الشطوي والعدني، ثم اشترى عامتها أَو أَكثرها غسان بن عباد من ولد موسى بن جعفر.

قال: واما دار الأَرقم بالمدينة في بني زريق فقطيعة من النبي صلى الله عليه وسلم. هكذا رواه ابن سعد في الطبقات. ورواه الحاكم في ((المستدرك)) من طريق شيخ ابن سعد محمد بن عمر وسكت عنه، ومن طريق الحاكم ذكر الزيلعي في ((نصب الراية)) في كتاب الوقف، والحافظ ابن حجر في (الدراية) قطعة منه، وكذلك في (الاصابة). إلا أَنه قال: في ((الدراية)): وهلال مولى هشام. بدل وفلان مولى هشام، وذكر جملة منه ابن جرير الطبري في كتابه ((ذيل المذيل)) من تاريخ الصحابة والتابعين من طريق محمد بن عمر بسنده المذكور.

فمن هذه الرواية تبين أَن كون دار الأَرقم دار إسلام لم يمنع الأَرقم التصرف فيها هو ولا ملاكها بعد، كما يتصرف في غيرها من الدور، ولم يتخذها متبركًا يتبرك به الوافدون إلى بيت الله الحرام، بل كانوا يسكنون فيها ويؤاجرون ويأخذون عليها.

وأول من اتخذ منها مزارًا الخيزران حينما اتخذت القسم الذي يذكر أَنه مختبىء رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأَرقم بن أَبي الأرقم مسجدًا، وهذا المسجد هو الذي ذكره الازرقي في تاريخ مكة وتبعه مَنْ بعدَه، وذكر الفاسي في ((شفاء الغرام)) والنووي ((في الإيضاح)) وصاحب ((الجامع اللطيف)) أَنه المقصود بالزيارة من دار الأَرقم. وعبارة الفاسي: المقصود بالزيارة منها أَي من دار الأَرقم – هو المسجد الذي فيها وهو مشهور من المساجد التي ذكرها الأَزرقي، وذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان مختبئًا فيه – أَي في الموضع الذي اتخذ مسجدًا – وفيه أَسلم عمر رضي الله عنه. ويصف لنا الفاسي في ((شفاء الغرام)) مشاهدته ذلك المسجد حين يقول: وطول هذا المسجد ثمانية اذرع إلا قيراطين، وعرضه سبعة أَذرع وثلث، الجميع بذراع الحديد، حرر ذلك بحضوري وفيه مكتوب (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رِجَالٌ).

هذه مختبىء رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الخيزران، وفيه مبتدأُ الإسلام، امرت بتجديده الفقيرة إلى الله مولاة أَمير الملك مفلح سنة ست. وذهب بقية التاريخ. قال الفاسي: وعمره أَيضًا الوزير الجواد، وعمرته مجاورة يقال لها مرة العصماء، وعمر أَيضًا في سنة احدى وعشرين وثمانمائة، والذي أَمر بهذه العمارة لا أَعرفه، والمتولى بصرف النفقة فيها علاءُ الدين علي بن ناصر محمد بن الصارم المعروف بالقائد. اهـ كلام الفاسي.

وعلى كل فعمل الخيزران ليس بحجة، وانما الحجة في عمل الصحابة رضي الله عنهم، وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية في تفسير ((سورة الاخلاص)): إِن الصحابة والتابعين لهم باحسان لم يبنوا قط على قبر نبي ولا رجل صالح ولا جعلوه مشهدًا أَو مزارًا ولا على شيء من آثار الأَنبياءِ مثل مكان نزل فيه أَو صلى فيه أَو فعل فيه شيئًا من ذلك. انتهى. ().

وتكلم شيخ الاسلام ابن تيمية في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) على المزارات التي بمكة غير المشاعر مساجد وغيرها فقال ضمن كلامه على ذلك (ص452): ما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة غير المسجد الحرام، بل المساجد كلها محدثة مسجد المولد وغيره، ولا شرع لأمته زيارة موضع المولد، ولا زيارة موضع العقبة الذي خلف مني وقد بني هناك مسجد، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أَربع عمر، وحج معه في حجة الوداع جماهير المسلمين لم يتخلف عن الحج معه إلا من شاءَ الله، وهو في ذلك كله لم يأت هو ولا أَحد من أَصحابه غار حراء، ولا شيئًا من البقاع التي حول مكة، ولم يكن هناك إلا بالمسجد الحرام وبين الصفا والمروة ومنى ومزدلفة وعرفات، وصلى الظهر والعصر ببطن عرنة، وضربت له

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير