تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القبة يوم عرفة بنمرة المجاورة لعرفة، وحج بعده خلفاؤه الراشدون فمشوا على تلك الطريقة ما ساروا إلى حراء ونحوه لصلاة فيه.

وقال: في (ص429): قد ذكر طائفة من المصنفين استحباب زيارة مساجد مكة وما حولها، وكنت كتبتها في منسك كتبته قبل أَن أَحج في أَول عمري لبعض الشيوخ جمعته من كلام العلماء، ثم تبين لي أَن هذا كله من البدع المحدثة التي لا أَصل لها في الشريعة، وأن السابقين الأَولين من المهاجرين والأَنصار لم يفعلوا شيئًا من ذلك، وأن أئمة العلم والهدى ينهون عن ذلك وأن المسجد الحرام هو المسجد الذي شرع لنا قصده للصلاة والدعاء والطواف وغير ذلك من العبادات، ولم يشرع لنا قصد مسجد بعينه بمكة سواه، ولا يصلح أَن يجعل هناك مسجد يزاحمه في شيء من الأَحكام، وما يفعله الرجل في مسجد من تلك المساجد من دعاءٍ وصلاة وغير ذلك اذا فعله في المسجد الحرام كان خيرًا له بل هذا سنة مشروعة، وأما قصد مسجد غيره هناك تحريًا لفضله فبدعة غير مشروعة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((منسكه)): اما زيارة المساجد التي بنيت بمكة غير المسجد الحرام كالمسجد الذي تحت الصفا، وما في سفح أَبي قبيس، ونحو ذلك من المساجد التي بنيت على آثار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كمسجد المولد وغيره فليس قصد شيء من ذلك من السنة، ولا استحبه أَحد من الأَئمة، وانما المشروع اتيان المسجد الحرام خاصة والمشاعر عرفة ومزدلفة والصفا والمروة، وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة غير المشاعر عرفة ومزدلفة ومنى مثل جبل حراء والجبل الذي عند منى الذي يقال أنه كان فيه قبة الفداء ونحو ذلك فانه ليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم زيارة شيء من ذلك بل هو بدعة ().

وقال في تفسير ((سورة الاخلاص)): النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل بسمجد بمكة إلا المسجد الحرام ولم يأت للعبادات إلا المشاعر منى ومزدلفة وعرفة، ولهذا كان أئمة العلماء على أَنه لا يستحب أَن يقصد مسجد بمكة لصلاة غير المسجد الحرام ولا تقصد بقعة لزيارة غير المشاعر التي قصدها رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلى أَن قال: وكل مسجد بمكة وما حولها غير المسجد الحرام فهو محدث. اهـ ().

ويضاف إلى هذا ما ذكر الشاطبي في ((الاعتصام)) في تتبع الآثار قال: خرج الطحاوي وابن وضاح وغيرهما عن معرور بن سويد الأسدي، قال وافيت الموسم مع أَمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما انصرفنا إلى المدينة انصرفت معه فلما صلى لنا صلاة الغداة فقرأَ فيها: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ) و (لإِيلافِ قُرَيْشٍ) ثم رأَى ناسًا يذهبون مذهبًا فقال: أَين يذهب هؤلاء؟ قال: يأتون مسجدًا ها هنا صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: إنما أهلك من كان قبلكم أنهم يتبعون آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعًا، من أدركته الصلاة في شيء من هذه المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فليصل، وإلا فلا يتعمدها. ثم قال الشاطبي: قال ابن وضاح: كان مالك بن أَنس وغيره من علماءِ المدينة يكرهون اتيان تلك المساجد وتلك الآثار للنبي صلى الله عليه وسلم ما عدا قبا وحده. قال: وسمعتهم يذكرون أَن سفيان دخل مسجد بيت المقدس فصلى فيه ولم يتبع تلك الآثار ولا الصلاة فيها، وكذلك فعل غيره ممن يقتدي به، وقدم وكيع مسجد بيت المقدس فلم يَعْدُ فعل سفيان. قال ابن وضاح: وقد كان مالك يكره كل بدعة وان كانت في خير، وجميع هذا ذريعة لأَن يتخذ سنة ما ليس سنة أَو يعد مشروعًا ما ليس مشروعًا.

وهذا كله على تسليم كون الدار المعروفة اليوم بدار الأَرقم هي دار الأَرقم في الواقع، وفي النفس من ذلك شيء لأَمرين:

أَحدهما: أَن موقع دار الأَرقم حسب ما تقدم في رواية ابن سعد على باب الصفا، وفي تلك الرواية قول يحيى بن عمران بن عثمان بن الأَرقم اني لأَعلم اليوم الذي وقعت – أَي دار الأَرقم – في نفس أَبي جعفر أنه ليسعى بين الصفا والمروة في حجة حجها ونحن على ظهر الدار في فسطاط فيمر تحتنا لو أَشاءُ أَن آخذ قلنسوة عليه لأَخذتها، وأنه لينظر إلينا من حين يهبط بطن الوادي حتى يصعد إلى الصفا. وهذا غير موقع الدار المعروفة اليوم بذلك الاسم. وما في رواية ابن سعد المذكورة موافق لما في تاريخ مكة للأَزرقي ومستدرك الحاكم انها عند الصفا ولما في ((أَسد الغابة)) لابن الأَثير

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير