و " عن النبى أنه قال (قد كان فى الأمم قبلكم محدثون فان يكن فى أمتى فعمر) وفى رواية فى الصحيح (مكلمون) وقد قال تعالى (وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بى وبرسولى) وقال تعالى (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه) بل قد قال تعالى (وأوحى فى كل سماء أمرها) وقال تعالى (وأوحى ربك إلى النحل)
فهذا الوحى يكون لغير الأنبياء ويكون يقظة ومناما وقد يكون بصوت هاتف يكون الصوت فى نفس الانسان ليس خارجا عن نفسه يقظة ومناما كما قد يكون النور الذى يراه أيضا فى نفسه فهذه الدرجة من الوحى التى تكون فى نفسه من غير ان يسمع صوت ملك فى أدنى المراتب وآخرها "
وقال في النبوات رحمه الله:
" وليس كل ما أوحي اليه الوحي العام يكون نبيا فإنه قد يوحي الى غير الناس قال تعالى وأوحى ربك الى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون وقال تعالى وأوحي في كل سماء أمرها وقال تعالى عن يوسف وهو صغير فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا اليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون وقال تعالى وأوحينا الى أم موسى أن أرضعيه وقال تعالى وإذ أوحيت الى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي وقوله وما كان لبشر أن يكلمه الله الا وحيا يتناول وحي الانبياء وغيرهم كالمحدثين الملهمين. "
فإذا علم هذا تبين فيما يظهر والعلم عند الله أن أم موسى عليه السلام ليست بنيه.
وأما مريم بنت عمران.
فقد قال من أهل العلم أنها نبيه كالقرطبي رحمه الله حيث قال فيما نقل عنه ابن حجر في الفتح (6/ 744):
" قال القرطبي الصحيح أن مريم نبيه لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك وأما آسية فلم يرد ما يدل على نبوتها "
وقال الحافظ ناقلاً كلام ابن حزم في نبوتهما:
" وذكر بن حزم في الملل والنحل أن هذه المسألة لم يحدث التنازع فيها إلا في عصره بقرطبة وحكى عنهم أقوالا ثالثها الوقف قال وحجة المانعين قوله تعالى وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا قال وهذا لا حجة فيه فإن أحدا لم يدع فيهن الرسالة وإنما الكلام في النبوة فقط قال وأصرح ما ورد في ذلك قصة مريم وفي قصة أم موسى ما يدل على ثبوت ذلك لها من مبادرتها بالقاء ولدها في البحر بمجرد الوحي إليها بذلك قال وقد قال الله تعالى بعد أن ذكر مريم والأنبياء بعدها أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين فدخلت في عمومه والله أعلم "
ويجاب على هذا:
أولاً: أن الله ذكرها مع الأنبياء ولم يقل هي من الأنبياء ولقد ذكر مع الأنبياء من ليسوا بأنبياء وهذا ظاهر.
وثانياً: وصفها الله صراحة بالصديقة لا بالنبوة فقال: {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} سورة المائدة / 75
فلو كانت نبيه لقرنها مع ولدها بوصف النبوة، ولكن هي وصفت بالصديقة , ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وقوله (ما المسيح بن مريم الا رسول قد خلت من قبله الرسل وامه صديقة) ذكر أن غاية ما انتهت اليه أمه الصديقية وهذا مبسوط فى غير هذا الموضع " المجموع (4/ 396)
===========
الثالثة: لطيفة
قال الحافظ رحمه الله في الفتح (6/ 744):
" قد نقل عن الأشعري أن من النساء من نبىء وهن ست حواء وسارة وأم موسى وهاجر وآسية ومريم والضابط عنده أن من جاءه الملك عن الله بحكم من أمر أو نهى أو بإعلام مما سيأتي فهو نبي وقد ثبت مجيء الملك لهؤلاء بأمور شتى من ذلك من عند الله عز وجل ووقع التصريح بالإيحاء لبعضهن في القرآن "
وهذا يجاب عليه بما أجيب عليه سابقاً.
تنبيه:
ثم لعل الكلام في هذا المسألة مما ليس تحته كبير عمل، ولا يعاب على طالب العلم عدم معرفتها، سيما أنه قد تنازع كثير من العلماء فيها ولذا حين ذكر ابن حزم رحمه الله في كتابه الملل والنحل، ذكر أقوال، كان ثالثها: الوقف. الفتح (6/ 744).
أضف إلى ذلك ما يعتري المرأة من المرض من حيض ونفاس وغير ذلك مما ينافي أن تكون المراة بيدها أمر قوم، فهذا بعيد عن الفلاح الذي جاء في السنة. وغيرها مما قالوه في منع أن يكون في النساء نبيه.
وأما عن عزير _ وليس بنبي _ فلعل يكون هناك فسحة في الوقت للبحث فيها.
والله أعلم
وكتب
أبو العالية
عفا الله عنه
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 09 - 03, 05:17 ص]ـ
الفاضل أبو العالية وفقه الله
سألتك:
فطرحت علي سؤالين ثم قلت:
فها أنا قد فعلت، وأنتظر منك أن تفي بوعدك وتجيب على سؤالي.
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[20 - 09 - 03, 05:24 ص]ـ
كان قد سبق نقاش بين الشيخ الفاضل محمد الأمين حفظه الله ومجموعة من مشايخ الملتقى في موضوع نبوة النساء على هذا الرابط: (اضغط هنا) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2884&highlight=%C7%E1%E4%D3%C7%C1+%E4%C8%ED%C9+%E4%C8%E D%C7%CA)
¥