تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وطرد ذلك فيمن تكلم في صلاته ناسياً، ومن تطيب ولبي ناسياً كما هو مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه. وكذلك من فعل المحلوف عليه ناسياً كما هو أحد القولين عن الشافعي وأحمد. وههنا مسائل قد تنازع العلماء فيها، كمثل من نسى الماء في رحله وصلى بالتيمم، وأمثال ذلك ليس هذا موضع تفصيلها.

واما من ترك الصلاة جاهلاً بوجوبها مثل من أسلم في دار الحرب ولم يعلم أن الصلاة واجبة عليه فهذه المسألة للفقهاء فيها ثلاثة أقوال: وجهان في مذهب أحمد، أحدهما – عليه الإعادة مطلقاً، وهو قول الشافعي، واحمد الوجهين في مذهب أحمد. والثاني – عليه الإعادة إذا تركها بدار الإسلام دون دار الحرب، وهو مذهب ابي حنيفة، لأن دار الحرب دار جهل يعذر فيه بخلاف دار الإسلام.

والثالث – لا إعادة عليه مطلقاً، وهو الوجه الثاني في مذهب أحمد وغيره. وأصل هذين الوجهين أن حكم الشارع هل ثبت في حق المكلف قبل بلوغ الخطاب له فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره: أحدها – يثبت مطلقاً والثاني – لا يثبت مطلقاً. والثالث – يثبت حكم الخطاب المبتدأ دون الخطاب الناسخ، كقضية أهل قباء، وكالنزاع المعروف في الوكيل إذا عزل فهل يثبت حكم العزل في حقه قبل العلم؟ وعلى هذا لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص مثل أن يأكل لحم الإبل ولم يتوضا ثم يبلغه النص ويتبين له وجوب الوضوء، ويصلى في أعطان الإبل ثم يبلغه ويتبين له النص فهل عليه إعادة ما مضى؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد، ونظيره أن يمس ذكره ويصلى ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر.

والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة، لأن الله تعالى عفا عن الخطأ والنسيان، ولأنه قال: ? وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ? [الإسراء 15] فمن لم يبلغه أمر الرسول ? في شئ معين لم يثبت حكم وجوبه عليه، ولهذا لم يامر النبي ? عمر وعماراً لما أجبنا فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرع – أن يعيد واحد منهما. وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب يمكث أياماً لم يصلى. وكذلك لم يامر من أكل من الصحابة حتى يتبين الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء. كما لم بأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ بالقضاء.

ومن هذا الباب المستحاضة إذا مكث مدة لا تصلى لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها، ففي وجوب القضاء عليها قولان: أحدهما – لا إعادة عليها كما نقل عن مالك وغيره: أن المستحاضة التى قامت للنبي ?: إني حضت حيضة شديدة كبيرة منكرة، منعتنى الصلاة والصيام أمرها بما يجب في المستقبل ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي.

وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر أن في النساء والرجال بالبوادي وغير البوادي من يبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة، بل إذا قيل للمرأة: ثلى تقول: حتى أكبر واصير عجوزاً، ظانة أنه لا يخاطب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة العجوز، ونحوها، وفي أتباع الشيوخ ناس كثيرون لا يعلمون أن الصلاة واجبة عليهم.

فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلاة، سواء كانوا كفاراً أو معذورين بالجهل، وكذلك من كان منافقاً زنديقاً يظهر الإسلام ويبطن خلافه، وهو لا يصلى أو يصلى أحياناً بلا وضوء ولا يعتقد وجوب الصلاة، فإنه إذا تاب من نافقه وصلى فإنه لا قضاء عليه عند جمهور العلماء.

والمرتد الذى كان يعتقد وجوب الصلاة ثم أرتد والعياذ بالله تعالى عن الإسلام، ثم عاد لا يجب عليه قضاء ما تركه حال الردةعند جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد في ظاهر مذهبه، فإن المرتدين الذين أرتدوا على عهده ? كعبد الله بن أبي سرح وغيره مكثوا على الكفر مدة ثم أسلموا ولم يؤمر أحد منهم بقضاء ما تركوه.

وكذلك المرتدون على عهد أبي بكر لم يؤمروا بقضاء الصلاة.

وأما من كان عالماً بوجوبها وتركها بلا تأويل حتى خرج وقتها فهذا يجب عليه القضاء عند الأئمة الأربعة. وذهب طائفة منهم ابن حزم وغيره إلى أن فعلها بعد الوقت لا يصح من هؤلاء. وكذلك قالوا فيمن ترك الصوم متعمداً. والله تعالى أعلم أهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير