تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونقل ابن رجب عن الشيخ ابن تيمية أنه قال: لكنه يكثر من النوافل. ورأيت في بعض كتب المالكية ما نصه: من تعمد ترك صلاته حتى يخرج وقتها فعليه القضاء والاستغفار إذا كان مستيقناً، ومن ظهر عليه ترك صلاته مستخفاً بها ومتوانياً عنها أمر بفعلها، فإن أمتنع من ذلك هدد وضرب فغن أقام على أمتناعه قتل حداً لا كفراً، وورثه ورثته ودفن في مقابر المسلمين ت (1) المشهور القضاء مع العمد، وقاله ح و ش.

وقال ابن حبيب: لا يجب القضاء وابن حنبل بناء على أن ترك الصلاة مع الأعتراف بوجوبها كفر والكافر لا يصلى: المرتد إذا مات لا يقضى واحتجا بقوله ?: ((بين المؤمن والكافر ترك الصلاة)) لنا قوله ?: ((خمس صلوات أفترضهن الله عز وجل، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن، وتمم ركوعهن وخشوعهن له عند الله عهد، إن يشأ يعذبه وإن يشأ


(1) إشارة للتأتى، ح و ش الآيتان إشارة للحطاب والخرش.
يدخله الجنة)) أخرجه أبو داود وابن عبد الرحمن السلمي لا يقضى المتعمد، لأن عموم قوله عليه الصلاة والسلام: ((من نام عن صلاة أو نسيها)) أن المتعمد لا يقضى. لما أنه آثم فهو اولى بالتغليظ عليه القضاء.
وفي بعض الطرق: لا كفارة لها إلا ذلك. والإثم أولى بلا تكفير أو تقول: المراد بالناسي التارك مطلقاً، لقوله تعالى: ? نسوا الله فنسيهم ? أى تركوا مع العمد. أنتهى.
(قلت): ولعل ما ذكره الأصوليون من قولهم. إذا خرج المكلف الواجب عن وقته المعين له شرعاً فهل يجب القضاء بالأمر السابق، بمعني أنه يستلزمه لا أنه عينه، أم لا يجب القضاء إلا بأمر جديد؟ فيه مذهبان وبالأول قال القاضي عبد الجبار من المعتزلة، والرازي الإمام فخر الدين، وحكى عن الشيرازي أبي إسحاق، وبالثاني قال الأكثرو، أنتهى. أصل لقول من لا يوجب القضاء لأنه لم يرد فيه أمر جديد، بل الأمر الجديد ورد في حق الناسي والنائم عمداً كما مر فتدبر.

[هل يباح للحائض الطواف بدون كفارة]
(قوله: وإن الحائض يباح لها الطواف بالبيت ولا كفارة عليها) – أقول: هذا قول لأبي حنيفة أيضاً وغيره، فقد قال الشيخ أحمد بن أحمد الطيبى الشافعي في منظومة في تقليد ابي حنيفة رحمه الله تعالى: [رجز]
ولم يقل شرط الطواف الطهر
أو حائض وهجمت وطافت
فإن يكن حجاً فدت ببدنة
فإن يضق بنفساء الأمر
فهو صحيح وفدت وتابت
أو اعتماراً فبشاة بينه أهـ

قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني في كتابه الميزان ما نصه: ومن ذلك قول الشافعي وأحمد: إن المرأة إذا حاضت قبل طواف الإفاضة لم تنفر حتى تطهر وتطوف، ولا يلزم الجمال حبس الجمل لها بل ينفر مع الناس ويركب غيرها، مع قول مالك إنه يلزمه حبس الجمل أكثر من مدة الحيض وزيادة ثلاثة أيام، مع قول أبي حنيفة إن الطواف لا يشترط فيه طهارة فتطوف وتدخل مع الحاج، وقد أفتى البارزى النساء اللاتى حضن في الحج بذلك ونقله عن جماعة من الشافعية، انتهى.
وفي فتاوى المرشدي الحنفي ما نصه: وسئل عن عبارة في أختلاف الأئمة إذا حاضت المرأة قبل طواف الإفاضة لم تنفر حتى تطوف وتطهر، ولا يلزم الجمال حبس الجمل أكثر من مدة الحيض وثلاثة أيام. وعند ابي حنيفة رحمه الله تعالى ان الطواف لا يشترط فيه الطهارة، فهل يجوز تقليده، أم يكفيها الأخذ بقوله؟ فأجاب عدم اشتراط الطهارة له عنده صحيح، وأخذه من قوله تعالى ? وليطوفوا بالبيت العتيق ? [الحج 29] والنص مطلق، والطهارة فيه ثبتت بفعله عليه الصلاة والسلام.
ودار ذلك بين كونها بياناً وبين كونها سنة، فتوسطنا في ذلك وقلنا بالوجوب، فيقع الطواف بين الحدثين معتداً به لكونه يجبر مع الحدث الأصغر بشاة، ومع الأكبر ببدنة، والله تالى اعلم. انتهى.
ونقل الشيخ محمد سعيد السويدي الشافعي البغدادي في رسالته المؤلفة في التقليد عن البارزي أيضاً فيمن حاضت قبل طواف الركن: أنه يجوز لها تقليد كل واحد من الأئمة الأربعة. انتهى.
وفي فتاوى الشيخ ما نصه: سئل شيخ الإسلام أبو العباس أحم بن تيمية الحراني نفعنا الله تعالى بعلومه عن المرأة إذا جاءها الحيض في وقت الطواف ما الذى تصنع؟
فأجاب: الحمد لله، الحائض تقضى المناسك كلها إلا الطواف بالبيت فإنها تجتهد أن لا تطوف بالبيت إلا وهي طاهر، فإن عجزت عن ذلك ولم يمكنها التخلف عن الركوب حتى تطهر وتطوف فإنها إذا طافت طواف الزيارة وهي حائض أجزأها في أحد قولي العلماء.
ثم قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لو لم يكن لها عذر لكن وجب عليها بدنة. والإمام أحمد رحمه الله تعالى أوجب على ترك الطهارة ناسياً دماً وهو شاة واما هذه العاجزة عن الطواف وهي غير طاهر فإن أخرجت دماً فهو أحوط، وإلا فلا يتبين أن عليها شيئاً، فإن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، وقال تعالى: ? فاتقوا الله ما أستطعتم ? [التغابن 16].
وقال النبي ?: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما أستطعتم)) وهذه لا تستطيع إلا هذا، والصلاة أعظم من الطواف، ولو عجز المصلى عن شرائطها من الطهارة أو ستر العورة أو استقبال القبلة صلى على حسب حاله، فالطواف أولى بذلك. كما لو كانت مستحاضة ولا يمكنها أن تطوف إلا مع النجاسة نجاسة الدم بدون الطهارة، فإنها تصلى وتطوف على هذه الحالة باتفاق المسلمين، وإذا توضأت وتطهرت فعلت ما تقدر عليه.
وينبغي للحائض إذا طافت أن تغتسل وتتحفظ كما تفعله عند الإحرام وقد أسقط النبي ? عن الحائض طواف الوداع وأسقط عن أهل السقاية والرعاية المبيت بمنى لأجل الحاجة ولم يوجب عليهم دماً، فإنهم معذورون في ذلك بخلاف غيرهم.
وكذلك من عجز عن الرمي بنفسه لمرض ونحوه فإنه يستنيب من يرمى عنه ولا شئ عليه، وليس من ترك الواجب للعجز كمن تركه لغير ذلك. والله تعالى أعلم، أنتهى فليفهم.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير