تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد عرف بأن هذا لم يقل بطرده أحد من المسلمين، فإن طرده يوجب نجاسة البحر. بل الذين قالوا هذا الأصل منهم من أستثنى ما لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الآخر، ومنهم من أستثنى في بعض النجاسات ما لا يمكن نزحه ومنهم من استثنى ما فوق القلتين، وعلل بعضهم المستثنى بمشقة التنجيس وبعضهم بعدم وصول النجاسة إلى الكثير، وبعضهم يتعذر التطهير. وهذه العلل موجودة في كثير من الأذهان، فإنه يكون في الحب العظيم قناطير مقنطرة من الزيت. ولا يمكنهم صيانته عن الواقع، فالعسر والحرج بتنجيس هذا عظيم جداً. ولهذا لم يرد في تنجيس الكثير أثر عن النبي ?، ولا عن الصحابة.

وأختلف قول الإمام أحمد في تنجس الكثير، وأما القليل فإنه ظن صحة حديث معمر فأخذ به. وقد أطلع غيره على العلة القادحة فيه، ولو أطلع عليها لم يقل به. وروى عن ابن عباس أنه سئل عن فأرة كانت في سمن؟ قال: تؤخذ الفأرة وما حولها. قلت: يا مولانا إن أثرها في السمن كله؟ فقال للسائل عضضن بهن ابيك؟ إنما كان أثرها في السمن وهي حية وإنما ماتت حيث وجدت. وعن أبي حزن بن أبي السود الدؤلى قال: سئل ابن مسعود عن فأرة وقعت في سمن فقال: إنما حرم من الميتة لحمها ودمها. قلت: فقول معمر ((فلا تقربوه)) متروك عند عامة السلف والخلف، فإن جمهورهم يجزون الاستصباح به، وكثير منهم يجوز بيعه أو تطهيره، وهذا مخالف لقوله ((فلا تقربوه)) ثم ذكر مذهب مالك وغيره في الماء وأنه لا يندس عند مالك بوقوع النجاسة إذا لم يتغير. وذكر عن الغزالي أنه قال: وددت أن مذهب الشافعي في المياه كمذهب مالك – إلى أن قال – وفي الجملة هذا القول هو الصواب. وذلك أن الله تعالى حرم الخبائث التى هي الميتة، والدم، ولحم الخنزير ونحو ذلك، فإذا وقعت هذه في الماء أو غيره واستهلكت لم يبق هناك دم ولا ميتة ولا لحم خنزير اصلاً، كما أن الخمر إذا أستهلكت في المائع لم يكن الشارب لها شارباً للخمر، إذا أستحالت بنفسها وصارت خلاً كانت طاهرة بالاتفاق.

وهذا على أصل من يقول: إن النجاسة إذا أستحالت طهرت، وهذا قوى كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأهل الظاهر، وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد. فإن انقلاب النجاسة ملحاً ورماداً ونحو ذلك هو كانقلابها ماء، فلا فرق بين أن يستحيل ملحاً أو رماداً أو ماءً أو هواءاً ونحو ذلك. وهذه الأدهان والألبان والأشربة الحلوة والحامضة وغيرها من الطيبات والخبيثة قد أستهلكت واستحالت فيها، فكيف يحرم الطيب الذى أبيح؟ وإذا قيل: إنه خالطه الخبيث فحرم.

فالجواب عنه: أن بئر بضاعة لما ذكر له عليه الصلاة والسلام أنه يلقى فيه الحيض ولحوم الكلاب، فقال عليه الصلاة والسلام: ((الماء طهور ولا ينجسه شئ – وقال: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)).

وفي لفظ ((لم ينجسه شئ)) إلى أن قال: ومن سوى بين الماء والمائعات كإحدى الروايتين عن أحمد، وقال بهذا القول هو رواية عن أحمد يعني بعدم تنجس الماء القليل إذا لم يتغير، قال في المائعات كذلك، كما قاله الزهري وغيره.

فهؤلاء لا ينجسون شيئاً من املائعات إلا بالتغير، كما ذكره البخاري لكن المشهور عن أحمد اعتبار القلتين في الماء، وكذلك في المائعات إذا سويت به. أنتهى ملخصاً. وقد أطنب وفصل فمن أراد كمال الإطلاع على هذا المفضل، فعليه الكتاب المفصل.

وفي شرح العيني لصحيح البخاري عند حديث: سئل عن فأرة سقطت في سمن فقال ?: ((ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم)) ما نصه: أن الجمهور ذهبوا إلى نجاسة المائع بوقوع النجاسة فيه، وإذا كان جامداً يطرح ما حول النجس وشد قوم فجعلوا المائع كله كالماء. وسلك داود ابن على مسلكهم. أنتهى.

فقد تبين لك أن الشيخ ابن تيميه لم ينفرد بهذا القول لما سرد من أدلته النقلية والعقلية، فافهم والله تعالى أعلم.

[هل للجنب أن يصلى التطوع ليلاً قبل أن يغتسل؟]

(قوله: وإن الجنب يصلى تطوعه بالليل ولا يؤخره إلى أن يغتسل قبل الفجر وإن كان بالبلد)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير