تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي فتاوى الشيخ ابن تيميه ما ملخصه:

مسائل في الزيت اليسير تقع فيه النجاسة، مثل الفأرة ونحوها، وماتت فيه هل ينجس أم لا؟ وإذا قيل ينجس فهل يجوز أن يكاثر بغيره حتى يبلغ قلتين أم لا؟ وإذا قيل تجوز المكاثرة هل يلقى الطاهر على النجس أو بالعكس، أو لا فرق؟ وإذا لم تجز المكاثرة وقيل بنجاسته هل لهم طريق في الانتفاع به مثل الاستصباح به أو غسله إذا قيل يطهر بالغسل أم لا؟ وإذا كانت المياه النجسة اليسيرة تطهر بالمطاثرة هل تطهر سائر المائعات بالمكاثرة أم لا؟.

الجواب – أصل هذه المسألة أن المائعات إذا وقعت فيها نجاسة فهل تنجس؟ إن كانت كثيرة فوق القلتين، أو تكون كالماء فلا تنجس مطلقاً إلا بالتغيير؟.

أولاً ينجس الكثير إلا بالتغير كما إذا بلغت قلتين؟ فيه عن أحمد ثلاث روايات: أحدها – أنها تنجس ولو مع الكثرة، وهو قول الشافعي وغيره.

والثانية – أنها كالماء سواء كانت مائية أو غير مائية، وهو قول طائفة من السلف والخلف كابن مسعود وابن عباس والزهري وابي ثور وغيرهم نقله المروزي عن ابي ثور. وحكي ذلك لأحمد، فقال: إن أبا ثور شبهه بالماء، ذكر ذلك الخلال في جامعة عن المروزي، وكذلك ذكر أصحاب أبي حنيفة رحمه الله تعالى: أن حكم المائعات عندهم حكم الماء ومذهبهم في المائعات معروف فيه إذا كانت منبسطة بحيث لا يتحرك أحد طرفيها بتحرك الطرف الأخر لم يتنجس كالماء عندهم.

وأما أبو ثور فإنه يقول بالقلتين كالشافعي. والقول أنها كالماء، يذكر قولاً في مذهب مالك رحمه الله تعالى، وقد ذكر أصحابه عنه في يسير النجاسة إذا وقعت في الطعام الكثير روايتين. وروى عن ابن نافع من المالكية في الحباب التى بالشام للزيت تموت فيه الفأرة: أن ذلك لا يضر الزيت.

وقال ابن الماجشون في الزيت وغيره تقع فيه الميتة ولم يتغير أوصافه وكان كثيراً: لم ينجس بخلاف موتها فيه. ففرق بين موتها فيه ووقوعها فيه.

ومذهب ابن حزم وغيره من أهل الظاهر: أن المائعات لا تنجس بوقوع النجاسة إلا السمن إذا وقعت فيه فأرة، كما يقولون: إن الماء لا ينجس إلا إذا بال فيه بائل. والثالثة – يفرق بين المائع المائي كخل الخمر وغير المائي كخل العنب، فيلحق الأول بالماء دون الثاني.

وفي الجملة للعلماء في المائعات ثلاثة أقوال: أحدها – أنها كالماء. والثاني أنها أولى بعدم التنجس من الماء لأنها طعام وإدام فإتلافها فيه فساد، ولأنها أشد إحالة للنجاسة من الماء، أو مباينة لها من الماء. والثالث – أن الماء أولى بعدم التنجس منها لأنه طهور. وقد بسطنا الكلام على هذه المسألة في غير هذا الموضع، وذكرنا حجة من قال بالتنجس وأنهم احتجوا بقوله عليه الصلاة والسلام: ((إن كان جامداً فألقوها وما حولها وكلوا سمنكم، وإن كان مائعاً فلا تقربوه)) رواه أبو داود وغيره. وبينا ضعف هذا الحديث، وطعن البخاري والترمذي وأبو حاتم الرازي والدار قطني وغيرهم فيه، أنهم بينوا أنه غلط فيه معمر على الزهري.

قال أبو داود في الفأرة تقع في السمن: حدثنا مسدد حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس عن ميمونة: ((أن فأرة وقعت في سمن فأخبر النبي ? فقال: ألقوها وما حولها وكلوا)) واما حديث معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: ((إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها وإن كان مائعاً فلا تقربوه)) قال محمد بن إسماعيل: فيه خطأ، والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة. وبتقدير صحة قوله ((إن كان مائعاً فلا تقربوه)) فإنما يدل على نجاسة القليل الذى وقعت فيه النجاسة كالسمن المسئول عنه، فإنه من المعلوم أنه لم يكن عند السائل سمن فوق القلتين يقع فيه فأرة، حتى يقال: إنه يفيد العموم، إذ السمن الذي يكون عند أهل المدينة أو في أوعيتهم يكون في الغالب قليلاً، فلو صح هذا اللفظ لم يدل إلا على نجاسة القليل.

فأما المائعات الكثيرة إذا وقعت فيها نجاسة فلا يدل على نجاستها نص لا صحيح ولا ضعيف ولا لإجماع ولا قياس صحيح. ومن ينجسه ظن أن النجاسة إذا وقعت في ماء أو مائع سرت فيه كله فنجسته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير