تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 ان ما ثبت بيقين لا يزول إلا بيقين، فمن ثبت له أصل الإسلام لا يخرج من الإسلام ويحكم بكفره إلا بيقين، ومن ثبتت له السنة لا يخرج منها إلا بيقين، وهكذا من ثبت له شيء، فإنه لا ينزع منه إلا بيقين.

2 الخطأ في الحكم بالإيمان أهون من الخطأ في الحكم بالكفر، أي لو أنك حكمت لشخص بالإسلام بناء على ظاهر الحال، حتى لو كان من المنافقين مثلاً أو ليس كذلك، فان هذا أهون من أن تتسرع وتحكم على شخص بالكفر، ويكون ليس كذلك، فتقع في الوعيد «وَمَنْ دَعَا رَجُلاً بالكُفْرِ أَوْ قالَ: عَدُوَّ اللَّهِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلاَّ حَارَ عَلَيْهِ». أي رجع عليه ..

3 في مسائل الاجتهاد لاتأثيم ولا هجران، وهذا ذكره ابن تيمية رحمه الله وهذا مذهب أهل السنة: أنهم لا يرون تأثيماً لكل من اجتهد في المسائل كلها من غير تفريق بين الأصول والفروع، فمن استفرغ وسعه في معرفة مراد الله عز وجل، وكان أهلاً لذلك، فإنه لا يأثم بهذا الاجتهاد بل هو بين أجر وأجرين، فلا تأثيم في مسائل الاجتهاد، ولا ينبغي ان يكون ثمة تهاجر بين المؤمنين.

4 التحفظ عن تكفير فرد بعينه أو لعنه، حتى لو كان من طائفة، أو كان من أصحاب قول، يصح ان يوصف انه كفر، وها هو الإمام أحمد رحمه الله كان يُكفّر الجهمية، ويكفر من يقول القرآن مخلوق، ومع ذلك لم يكفر أحداً منهم بعينه، لا المأمون ولا سواه، بل كان يدعو له، ويستغفر له، ويجعله في حل مما صنع فيه.

5 الأخذ بالظاهر، والله يتولى السرائر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَثْقُبَ قُلُوبَ النَّاسِ، وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُم».

6 تسلط الجهال على تكفير علماء المسلمين من أعظم المنكرات، ولقد اتفق أهل السنة على أن علماء المسلمين لا يجوز تكفيرهم بمجرد الخطأ، بل عامة المسلمين لا يجوز تكفيرهم بمجرد الخطأ، يقول ابن رجب رحمه الله: أكثر الأئمة غلطوا في مسائل يسيرة، مما لا يقدح في إمامتهم وعلمهم فكان ماذا؟ لقد انغمر ذلك في بحر علمهم، وحُسم مقصدهم، ونصرهم للدين، والانتصاب للتنقيب عن زلاتهم ليس محموداً ولا مشكوراً، لا سيما في فضول المسائل التي لا يضر فيها الخطأ، ولا ينفع فيها كشفه وبيانه.

والعجيب ان كثيراً من الناس قد يتحفظون ويتورعون عن أكل الحرام مثلاً، أو عن شرب الخمر، أو عن مشاهدة الصور العارية والمحرمة، ولكن يصعب عليه كف لسانه، فتجده يَفْرِي في أعراض الأحياء والأموات ولا يبالي بما يقول، ولهذا قرر العلماء ان كلام الأقران بعضهم في بعض لا يُعبأ به، لا سيما إذا لاح انه لعداوة أو لمذهب أو لحسد، وما ينجو منه إلا من عصم الله.

قال الذهبي رحمه الله: ما علمت أن عصراً من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئتُ لسردت من ذلك كراريس.

سأل أحمد بن حنبل رحمه الله بعض الطلبة من أين أقبلتم؟ قالوا: جئنا من عند أبي كُريب، وكان أبو كُريب ينالُ من الإمام أحمد، وينتقده في مسائل، فقال نِعم الرجل الصالح! خذوا عنه وتلقوا عنه العلم، قالوا: إنه ينال منك ويتكلم فيك! قال أيُّ شيء حيلتي فيه، إنه رجلٌ قد ابتُلي بي. وحدث الأعمش عن زِرّ بن خُبيش وأبي وائل، وكان زر بن حُبيش علوياً، يميل الى علي بن أبي طالب، وكان أبو وائل عثمانياً، وكانوا أشد شيء تحاباً وتوادّاً في ذات الله عز وجل، وما تكلم أحدهما في الآخر قط حتى ماتا، ولم يحدث أبو وائل بحضرة زر، لأنه كان أكبر منه سناً، ولهذا قال الذهبي رحمه الله: وهو يترجم لأبي محمد بن حزم صاحب المُحلّى وشيخ الظاهرية، قال: ولي ميل لأبي محمد بن حزم، لمحبته للحديث الصحيح ومعرفته به، وإن كنت لا أوافقه في كثير مما يقول في الرجال والعلل، وفي المسائل البشعة في الفروع والأصول، وأقطع لاحظ قوله: وأقطع بخطئه في غير ما مسألة، ولكني لا أكفره ولا أضلله، وأرجو له العفو والمسامحة وللمسلمين، وأخضع لفرط ذكائه وسعة علومه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير