وأشار ابن حجر (الفتح: 3/ 85) إلى أن حماداً بن سلمة سمع قبل الاختلاط في قول ابن معين، وأبي داود، والطحاوي وغيرهم.
وبعض العلماء رجحوا أن حماداً سمع من عطاء قبل اختلاطه وبعده، منهم الحافظ ابن حجر حيث قال (تهذيب التهذيب: 4/ 128، رقم 5381): (قلت: فيحصل لنا من مجموع كلامهم أن سفيان الثوري وشعبة وزهيراً وزائدة وحماد بن زيد وأيوب عنه (عن عطاء) صحيح، ومن عداهم يتوقف فيه إلا حماد بن سلمة، فاختلف قولهم، والظاهر أنه سمع منه مرتين، مرة مع أيوب كما يومي إليه كلام الدارقطني، ومرة بعد ذلك لما دخل إليهم البصرة، وسمع منه مع جرير وذويه والله أعلم)، ويقصد بكلام الدارقطني: قولَهُ: (دخل عطاء البصرة مرتين، فسماع أيوب وحماد بن سلمة في الرحلة الأولى صحيح). ولكن ابن حجر في الفتح (3/ 462) قال: (وحماد ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط)! ويبدو أن كلامه - رحمه الله - في التهذيب بعد تحريره المسألةَ، بخلاف كلامه في الفتح.
وممن أخذ بالقول بأن حماداً سمع من عطاء قبل وبعد الاختلاط من المعاصرين - حسبما وجدت - الشيخ د. إبراهيم اللاحم في كتابه (الجرح والتعديل، ص150، 151)، والشيخ عمرو سليم في كتابه (تيسير علوم الحديث، ص98).
ورجح الشيخ عبد الله السعد أنه سمع قبل الاختلاط، قال - حفظه الله -: (وحماد بن سلمة على القول الراجح أنه سمع منه - أي: من عطاء - قبل الاختلاط، وإن كان حماد بن سلمة فيه خلاف، والحافظ ابن حجر جمع بين القولين، فقال: سمع منه قديماً وأخيراً، لكن الأقرب أنه سمع منه قديماً) «أشرطة مباحث في الجرح والتعديل».
وعلى كلٍّ فهذه الرواية وافق فيها عطاء سلمةَ وزبيداً؛ مما يدل على أن حماداً سمعها منه قبل الاختلاط.
وهذه الرواية فيها إسحاق بن منصور، وهو صدوق كما قال العلماء (التقريب: 1/ 123، رقم 385).
وفي المجموعِ، فهذه الرواية تتقوى بسابقاتها من الروايات الصحيحة القوية.
4 - حصين بن عبد الرحمن السلمي، الذي روى عنه حصين بن نمير، وهذه الإشكالُ فيها: تَغَيُّرُ حفظ حصين بن عبد الرحمن، فإن بعض العلماء ذكروه بذلك، وبعضهم أنكره (الكواكب النيرات، ص24)، وإذا قيل بتَغَيُّرِهِ فهل حصين بن نمير سمع منه قبل التَّغَيُّرِ أو بعده؟، وعلى كل حال، فإن حصيناً بنَ عبد الرحمن هنا وافقَ ثلاثة رواةٍ غيرِهِ: سلمةَ، وزبيداً، وعطاءَ بنَ السائب، وموافقتُهُ هذه تدلُّ على أنه ضبط هذه الرواية، سواءً كان حفظه لم يتغير، أم كان حصين بن نمير سمع منه قبل تَغَيُّرِ حفظه إنْ كان قد تَغَيَّر. وفي هذه الرواية: الحسن بن قزعة، وهو صدوق لا بأس به كما ذكر العلماء (تهذيب الكمال: 2/ 162، 163، رقم 1250، التقريب: 1/ 279، رقم 1278). والرواية بمجموعها تتقوى بروايات الثقات اللاتي سبقتها.
5 - عمر بن ذر، الذي روى عنه عبد الرزاق في مصنفه، وهذه فيها غموضٌ في رواية عبد الرزاق عن عمر بن ذر، فإنه لم يذكر ذلك إلا الذهبي في ترجمة عبد الرزاق، حيث ذكر عمر في جملةِ من حدَّث عنهم عبد الرزاق (السير: 9/ 563)، فإنْ صَحَّ ذلك وصَحَّ التحديث، فإنَّ هذه من أقوى الطرق.
2 - وأما طريق سلمة بن كهيل وزبيد اليامي وعطاء بن السائب وقتادة بن دعامة كلهم عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى (مباشرةً دون ذكر ذر الهمداني)، عن أبيه، فهي أفرع حسب من روى عن سعيد:
2،1 - سلمة بن كهيل، وزبيد اليامي، وهذا أقسام:
أ- ما جاء عن سلمة وزبيد معاً، فهذا رواه عنهما شعبة بن الحجاج، وعنه طريقان:
الأولى: ما رواه الحاكم، عن ابن بالويه، عن محمد بن غالب، عن عفان، ومسلم بن إبراهيم، وعلي بن الجعد عن شعبة به. وهذه الطريق معلولة بأن الثقات رووها عن شعبة بذكرِ ذرّ بن عبد الله الهمداني، وهم: محمد بن جعفر (وهو أثبت الناس في شعبة، انظر: فتح الباري: 4/ 97، 11/ 114)، وعفان (رواها عنه أحمد مخالفاً محمد بن غالب، وأحمد أوثق بلا شك من ابن غالب)، وخالد بن الحارث، وبهز بن أسد، وعلي بن الجعد (وزيادةُ ذر بن عبد الله ثابتةٌ في مسنَدِهِ، وأيضاً رواها عنه أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز (البغوي) - في رواية أبي نعيم والبغوي -، وهو أوثق من محمد بن غالب).
¥