قال: «هذا باطل، ليس من هذا شيء، إنما رواه حجاج، عن قتادة، عن زرارة، عن عمران، عن النبي صلى الله عليه وسلم، حدثناه عباد بن العوام، عن حجاج. وأما حديث شعبة فحدثناه كذا وكذا، عن شعبة، عن قتادة، عن زرارة، عن ابن أبزى. قال: والحديث يصير إلى ابن أبزى»). (تاريخ بغداد: 9/ 297). وهذا - والحمد لله - نص صريح على صحة ما ظهر خلال هذا البحث من أن الحديث يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبزى. [أنا أحمد الله على أنني وافقت قوله - رحمه الله -، لا على أنه وافق ما خَلُصْتُ إليه!].
* جاء في علل الدارقطني (1659): (وسئل عن حديث زرارة بن أوفى عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر بثلاث ب ? سبح اسم ربك الأعلى ?، و ? قل يا أيها الكافرون ?،
و ? قل هو الله أحد ?. فقال: «يرويه قتادة واختلف عنه، فرواه الحجاج عن قتادة عن زرارة عن أبي هريرة، ورواه شعبة عن قتادة عن زرارة عن ابن أبزى عن النبي صلى الله عليه وسلم وقول شعبة أشبه بالصواب»).
* وقال ابن حجر عن الحديث في التلخيص (2/ 20): (وحديث عبد الرحمن بن أبزى رواه أحمد والنسائي وإسناده حسن).
* قال الشوكاني في النيل (2/ 222): (قال العراقي: وكلاهما عند النسائي بإسناد صحيح)، وكلام العراقي - رحمه الله - سليم، فإن بعض الأسانيد عن أبي بن كعب صحيحة، ولا غبار عليها، لكن لها علة خَفِيَّةٌ هي: مخالفة الثقات الذين لم يذكروا أُبَيّاً - رضي الله عنه - في السند.
* قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في حاشية على بلوغ المرام (ص267، 268):
(وأخرجه النسائي بإسناد صحيح عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات يقرأ بالأولى ب ? سَبِّحِ اسْمَ رَبّكَ الأَعْلَى? ? وفي الثانية ب ? قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ ? وفي الثالثة ب ? قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ? ويقنت قبل الركوع، فإذا فرغ، قال عند فراغه: «سبحان الملك القدوس» ثلاث مرات، يطيل في آخرهن.
ورواه بسند آخر صحيح، لولا عنعنة قتادة، ولم يذكر القنوت، وزاد: ولا يسلم إلا في آخرهن، ويقول بعد التسليم: «سبحان الملك القدوس» ثلاثاً) ا. ه. ويقال في هذا ما قيل على كلام العراقي - رحمه الله -.
* ويبدو أن الألباني - رحمه الله - لم يدرس الحديث لما علق على مشكاة المصابيح، فإن صاحب المشكاة ذكر الروايتين، عن أبي، وعن عبد الرحمن بن أبزى (1/ 398)، فعلَّق الألباني - رحمه الله - بقوله: (واعلم أن هذا الحديث حديثٌ واحد، إلا أن الرواة اختلفوا فيه، فبعضهم جعله من حديث ابن أبزى عن أبي بن كعب، وبعضهم جعله من حديث ابن أبزى لم يجاوز به إلى أبي، وأيهما كان فالحديث صحيح، لأنهما صحابيان معروفان) ا. ه.
المبحث الرابع: الكلام على الرواة الذين عليهم مدار الحديث:
وهم قتادة بن دعامة وشيخه عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي، وسلمة بن كهيل وزبيد اليامي وشيخهما ذر بن عبد الله الهمداني، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، وأبوه.
أولاً: قتادة بن دعامة السدوسي:
حافظ عصره، ثقة ثبت، مشهور بالتدليس (انظر تهذيب الكمال: 6/ 99 - 104، رقم 5437)، وقد عنعن - رحمه الله - حديثنا هذا، ولكنَّ عنعنته لا تضر، لثلاثة أوجه:
الأول: أنه لم يتفرد بهذا الحديث، بل رواه غيره كثير - كما هو ظاهر -.
الثاني: أنه قد رواه عنه شعبةُ، وقد قال ابن حجر (النكت، ص51): (وهو - أي: شعبة - لا يأخذ عن أحدٍ ممن وُصف بالتدليس إلا ما صَرَّح فيه ذلك المُدَلِّس بسماعه من شيخه)، وقال أيضاً (النكت، ص252): (وأما كونه كان يروي عن المُدَلِّسين، فالمعروف عنه أنه كان لا يحمل عن شيوخه المعروفين بالتدليس إلا ما سمعوه ... وفيها - أي: في المعرفة للبيهقي - عن شعبة أنه قال: «كفيتُكُم تدليسَ ثلاثةٍ: الأعمش وإسحاق وقتادة») قال ابن حجر: (وهي قاعدة حسنة تقبل أحاديث هؤلاء إذا كان عن شعبة ولو عنعنوها).
وأشار إلى ذلك الحافظ في الفتح (روايته عن قتادة: 1/ 59، 10/ 83، روايته عن المدلسين: 4/ 38، 194، 10/ 166، 11/ 146، 197، 211 وفي مواضع أخرى).
¥