تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن فضل الله تعالى عليَّ أن وفقني إلى خدمة هذا الديوان السامي، واستخراج دُرره وفوائده، فقمتُ من أجل ذلك بعدد من الأعمال العلمية (1)، لاقت قبولاً عند بعض أهل العلم [تواضع (أش)]، والحمد لله رب العالمين، ومن الخدمات التي قمت بها: إفراد رواةِ مسند الإمام وترتيبهم على نسق حروف المعجم، مع ذكر شيوخ المتَرجَم وتلامذته من روايات المسند نفسه، والحكم على مرتبتهم بما أدّاه اجتهادي، معتمداً في ذلك على أقوال أئمة الجرح والتعديل مع ذكر فوائد أخرى تتعلق بحديث الراوي وبإسناده، وقد تم هذا العمل بفضل الله، ولم يبق منه سوى مراجعته ووضع دراسة مفصَّلة عن منهج الإمام في المسند، وكان أحد الأسباب التي شجعتني على هذا العمل – على الرغم من صعوبته – ما كان من تمني الإمام الذهبي بضرورة تيسير سبل الإفادة من المسند، والذي قال عندما تقدمت به السن، وأصبح عاجزاً عن النهوض بأعبائه، يستنهض همم من بعده: فلعلَّ الله يقيِّض لهذا الديوان العظيم من ... يوضح حال كثير من رجاله ... ويُرتّب الصحابة على المعجم، وكذلك أصحابهم على المعجم ... ولولا أني قد عجزتُ عن ذلك لضعف البصر وعدم النية، وقرب الرَّحيل، لعملتُ في ذلك (2).

(1) من هذه الأعمال التي طُبعت: زوائد عبد الله بن أحمد في المسند، وكتاب الوجادات في المسند،ومعجم شيوخ الإمام أحمد في المسند، وتحقيق كتاب (ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج لهم أحمد بن حنبل في المسند) لابن عساكر، وتحقيق كتاب (حديث عبد الله بن يزيد المقرئ مما وافق رواية الإمام أحمد) للضياء المقدسي، وبحث في المخضرمين في المسند، وآخر في خدمات العلماء والباحثين لمسند أحمد، وغيرذلك، ومن الأعمال التي تتعلق بالإمام أحمد تحقيق كتاب الزهد، وقد باشرت تحقيقه على ست نسخ خطية.

(2) سير أعلام النبلاء 13/ 525، بتصرف، وأرجو الله تعالى أن أكون أهلاً لتحقيق أمنية هذا الإمام الجليل في خدمة المسند.

أهمية البحث:

هذا البحث جزء من تلك الدراسة، رأيتُ إفرادها على حدة، وتكمن أهميته في:

أ – أصالته، وعدم السبق إليه فيما أعلم.

ب – في كونه دراسة استقرائية تطبيقية.

ص296

ت – الدفاع عن هذا الكتاب العظيم، وإظهار مكانته وإمامته.

ث – معرفة كيفية إخراج الإمام أحمد لهؤلاء المتروكين، وأن الإمام لم يعتمد عليهم استقلالاً وإنماأخرج لهم ما وافقهم غيرهم عليه، هذا مع نُدرة الروايات التي جاءت من طريقهم.

وقد اختلف العلماء قديماً وحديثاً في الرواة المتروكين أو الكذَّابين في المسند، فذهب بعضُهم إلى نفي ذلك وأنَّ الإمام نزَّه مسنده عن الكذابين وعن المتهمين بالكذب، وممن قال بهذا القول الإمام ابن تيميَّة، فقال: طريقة أحمد أنه لا يروي في مسنده عمَّن يُعرف أنه يتعمد الكذب ... الخ (1)، واختار هذا القول الحافظ ابن [رجب] الحنبلي، فقال: يتبين من من عمل الإمام أحمد وكلامه أنه يترك الرواية عن المتهمين والذين كثر خطؤهم للغفلة وسوء الحفظ، ويحدِّث عمن دونهم في الضعف، مثل مَن في حفظه شيء أو يَختلف الناس في تضعيفه وتوثيقه (2).

وذهب بعض العلماء إلى أن في المسند بعض المتروكين، كما توجد فيه أحاديث قليلة موضوعة أو ساقطة، وممن قال بهذا القول الإمام ابن الجوزي، وحكم على أحاديث في المسند بأنها موضوعة، وأنها لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم (3)، ومنهم أيضاً الإمام الذهبي إذ قال عنه: وفيه أحاديث معدودة شبه موضوعة، ولكنها قطرة في بحر (4)، وقال أيضاً: فإنه مُحْتَوٍ على أكثر الحديث النبوي وقلّ أَنْ يثبت حديث إلا وهو فيه، وقلّ أَنْ تجد فيه خبراً ساقطاً (5)،

وقال ابن كثير: فيه أحاديث ضعيفة بل موضوعة، كأحاديث مرو، وشهداء عسقلان (6).

(1) الفتاوى 18/ 26.

(2) شرح علل الترمذي 1/ 92.

(3) جمع الحافظ ابن حجر هذه الأحاديث في " القول المسدد [في الذب عن مسند الإمام أحمد]، ودافع عنها، ونفى أن تكون موضوعة.

(4) سير أعلام النبلاء 11/ 329.

(5) نقله ابن الجزري في المصعد الأحمد ص34.

(6) اختصار علوم الحديث ص42.

ص297

وأثبتَ هذا البحث صحة هذا المذهب الأخير، ولكن بتفصيل سنذكره في خاتمته إن شاء الله تعالى.

خطة البحث:

جمعتُ في هذا البحث رواة المسند الذين تُركوا بسبب تعمدهم الكذب الصريح، أو بسبب وقوع الكذب في حديثهم وإن لم يتعمدوه، أو بسبب عدم حفظهم بمرة لغفلتهم، واتبعتُ فيه الخطوات التالية:

أ – رتبتُ الرواة على نسق حروف المعجم.

ب – ذكرتُ ترجمة مختصرة لهؤلاء الرواة، وحرصتُ على معرفة أقوال الإمام أحمد فيهم.

ت – استعرضت أحاديث هؤلاء الرواة في المسند.

ث – خرًّجتُ جميع أحاديثهم، وحرصتُ على ذكر المتابعات والشواهد.

ج – قمتُ في خاتمة البحث بدراسة تتعلق بهذا الجمع، وسبب إخراج الإمام لهم، وغير ذلك.

***************************

يتبع إن شاء الله تعالى ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير