تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الإمام أحمد بن حنبل (العلل ومعرفة الرجال ص144): "ثنا عفان، ثنا وهيب، قال: قال أيوب: لم يسمع الحسن من أبي هريرة" وقد ذكر غيرهم أنه سمع حديثاً واحداً فقط، وأما ما يذكر من تصريحه بالتحديث عمن قرر الأئمة عدم سماعه منهم، كأبي هريرة وأبي سعيد وغيرهم، فبعض المحققين من الأئمة على أنه خطأ منه أو من غيره، وبعض أئمة الشأن ذكر أنه كان يتأول التحديث عن أصحابه، وليس هذا موضع بسط الكلام في هذا، الشاهد لايدرى من أسقط الحسن بينه وبين أبي هريرة هنا ليقال يتقوى بغيره، فضلاً عن أنه لم يرد غيره مما يصلح للتقوي به، والله أعلم.

فالذي يظهر للمتأمل –والله أعلم بالصواب- أن الحديث بهذه الألفاظ ضعيف بل هو منكر، وقد ضعفه الألباني –رحمه الله- في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة2/ 115رقم (661).

ويظهر أنه مرسل من قتادة كما رواى الثقات عنه، وصح أيضاً عنه موقوفاً، وهو من تفسيره للقرآن، وقد كان قتادة من أئمة التفسير.

أما معنى الأثر:

أما معناه فقد قال أهل العلم فيه أقوالاً من أظهرها وأرجحها:

أن المراد بالخلق التقدير لا الإيجاد، وهو من معاني الخلق اللغوية المعروفة (انظر مختار الصحاح ص78 خ ل ق: يقال خلق الأديم إذا قدره قبل القطع، بل الأصل في معنى خلق قدر واستعمل في الإبداع [انظر التعريفات 1/ 324]). وهو الذي اختاره الغزالي قال المناوي (فيض القدير5/ 53): " وأما قول الحجة: المراد بالخلق التقدير لا الايجاد فإنه قبل ولادته لم يكن موجودا"، وهو قول جمع ممن يأتي بيانهم عند الكلام على الأحاديث التالية، وقد تعقبه السبكي –رحمه الله- (انظر فيض القدير للمناوي 5/ 53 و كشف الخفاء للعجلوني 2/ 170) فقال: "إن كان كذلك لم يختص". وهذا التعقب ليس بشيء, فلئن كان في السبق بالإيجاد العيني مزية واختصاص فالتقدير مثله، ولئن لم تكن له مزية سقط الاعتراض بالاختصاص، كما أن الاختصاص هنا له وجهه, فإنه مع التقدير والكتابة رفع ذكره-صلى الله عليه وسلم- وأظهر اسمه للملأ في ذلك الوقت كما سيأتي في كلام أهل العلم، وهذا وجه تشريف.

وقد زعم السبكي بعد أن أشار إلى رد القول بوجود النبي -صلى الله عليه وسلم- بجسمه في ذلك الوقت، أشار إلى أن المراد روحه، لما جاء أن الأرواح خلقت قبل الأجساد، وهذا غير مسلم به، يحتاج إلى إثبات، وقد علمه أبوحامد الغزالي, وقرر غيره ورده، هذا وقد اعترف بعضهم بأنه لاسبيل لإثبات أن الروح سبقت الجسم بالأدلة العقلية، فعلم بذلك أنه لاسبيل لتقرير هذا الزعم، بالشرع ولابالعقل، فالشرع أتى بخلافه، فإن الذي ثبت في حديث الصادق المصدوق, أن الروح تنفخ بعد أن يجمع الخلق ويستتم أربعين ثم أربعين ثم أربعين. كما أن الإنسان قبل خلقه ليس بشيء, والروح شيء، كما قال تعالى (وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً).فالصواب ما ذكره أبوحامد الغزالي –رحمه الله- في معنى هذا الحديث, وسيأتي بإذن الله مزيد بيان لهذا الوجه عند ذكر الأحاديث الأخرى.

وأبعد من هذا, قول ابن عربي محي الدين, صاحب الفصوص والفتوحات المكية، وقد ساقه المناوي في فيض القدير (5/ 53) , والتمس له تأويلاً بما يشبه القول الثاني الآتي, والذي ذكره أهل العلم في مثل هذا الأثر، وتأويل المناوي لكلام ابن عربي وجه غير الذي أراده ابن عربي، ومعنى غير الذي قرره في فصوصه وفتوحاته، والذي بناه على اعتقاد وحدة الحقيقة الوجودية، ولعله تأتي الإشارة إليه عند الكلام على حديث جابر (أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر).

القول الآخر في معنى هذا الحديث، ذكره الخلال بعد أن ساق الأثر, وهو قول الإمام أحمد قال: "أول النبيين يعني خلقاً (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح) فبدأ به" (السنة للخلال 1/ 188) قال مجاهد: "هذا في ظهر آدم عليه الصلاة والسلام" (تفسير القرطبي 14/ 127)، ذكره القرطبي بعد أن ذكر قول قتادة، وقد جاء في بعض طرق حديث (كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد) الآتي، قوله صلى الله عليه وسلم: "حين أخذ مني الميثاق" (انظر طبقات ابن سعد 1/ 148 وقد أشار إليه في كشف الخفاء وفيض القدير والدر المنثور وغيرهم).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير