تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من الآفات كلها والزيادات، ومن المعاصي و الطاعات، فلا طاعة منهم ولا معصية إذا لم يعملوا بواحدة منهما، ألا ترى إلى قول موسى في الغلام الذي قتله الخضر " أقتلت نفسا زكية " لما كان عنده ممن لم يبلغ العمل فيكسب الذنوب، ومن الحجة أيضا في هذا قول الله عز وجل ? إنما تجزون ما كنتم تعملون ? ? كل نفس بما كسبت رهينة ?، ومن لم يبلغ وقت العمل لم يرهن بشيء، وقال الله عز وجل ? وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ?، ولما أجمعوا على دفع القود والقصاص والحدود والآثام عنهم في دار الدنيا، كانت الآخرة أولى بذلك والله أعلم أهـ كلام ابن عبد البر بحروفه.

وأما على القول بأن الفظرة هي الإسلام وهو المنسوب لجمهور السلف، فيكون الاستدلال به أقوى، ويكون معناه هنا " خلق الطفل سليما من الكفر، مؤمنا مسلما على الميثاق الذي أخذه الله على ذرية آدم حين أخرجهم من صلبه، وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى " قاله ابن عبد البر في تمهيده (18/ 77).

وقال ابن القيم في طريق الهرتين (ص 645 - 646): وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن كل مولود يولد على الفطرة، وإنما يهوده وينصره أبواه، فإذا مات قبل التهويد والتنصير مات على الفطرة، فكيف يستحق النار؟ وفي صحيح مسلم من حديث عياض بن حمار عن النبي ? قال " يقول الله إني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم " وقال محمد بن إسحاق عن ثور بن يزيد عن يحيى بن جابر عن عبد الرحمن بن عائذ عن عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم" إن الله خلق آدم وبنيه حنفاء مسلمين، وأعطاهم المال حلالا لا حراما " فزاد " مسلمين " أهـ كلام ابن القيم.

قال أبو عبد الباري: هذه الرواية للطبراني في الكبير (17/رقم 997) من طريق البكائي، وابن عبد البر في التمهيد (18/ 73) من طريق إبراهيم بن سعد، والطحاوي في المشكل (رقم 3878) من طريق هارون بن أبي إسحاق، وابن عساكر في تاريخه (9/ 988) من طريق سلمة بن الفضل، أربعتهم عن محمد بن إسحاق عن ثور بن يزيد به.

وسنده حسن، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع عند الطحاوي فهو حسن لذاته.

وتابعه على هذه الزيادة بكر بن مهاجر عن ثور بن يزيد به " مسلمين " ذكره ابن عبد البر في التمهيد معلقا، وقواه حتى قال: لا وجه لإنكار من أنكر رواية من روى " حنفاء مسلمين " .... إلخ أهـ. والله أعلم.

وليس المقصود هنا الكلام على معنى الفطرة وأقوال الناس فيها وبيان الراجح منها، وإنما المقصود من هذا النقل توجيه استدلال من استدل بحديث الفطرة على أن الأطفال على العموم في الجنة والله أعلم.

وسيأتي جواب من قال بأنهم في النار أو توقف عن هذا الاستدلال عند مناقشة الأقوال إن شاء الله تعالى.

وأما الخصوص من السنة:

ففي أربعة عشر حديثا عن عشرة من الصحابة، وهم أبو هريرة وابن عباس والأسود بن سريع وخنساء بنت معاوية عن عمها وكعب بن عجرة وأنس بن مالك وسمرة بن جندب وأبو أمامة و أبو مالك وعائشة و مكحول الشامي وهذه أحاديثهم:

الحديث الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلممرفوعا: " سئل النبي صلى الله عليه وسلممن في الجنة؟ فقال: النبي في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والموءودة في الجنة ".

رواه البزار (زوائده 2168) من طريق محمد بن معاوية بن مالج ثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.

وهذا سند ضعيف من أجل اختلاط خلف بن خليفة بأخرة، قال أحمد بن حنبل: رأيت خلفا مفلوجا لا يفهم، فمن كتب عنه قديما فسماعه صحيح، أتيته فلم أفهم عنه فتركته، وقال عثمان بن أبي شيبة: صدوق ثقة لكنه خرف واضطرب عليه حديثه، وقال ابن سعد: أصابه الفالج قبل موته حتى ضعف وتغير واختلط، وقال مسلمة الأندلسي: من سمع منه قبل الاختلاط فروايته صحيحة أهـ، روى له أصحاب السنن ومسلم متابعة، والراوي عنه محمد بن معاوية بن يزيد الأنماطي المعروف بابن مالج ثقة روى له النسائي فقط ولم يخرج له الشيخان شيئا، انظر ترجمته في تهذيب التهذيب، ومع ذلك قال الهيثمي في المجمع (7/ 219): رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن معاوية بن مالج وهو ثقة أهـ فلم يصب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير