تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب


(1) مسلم: كتاب الجنائز/ باب الأمر بتسوية القبر. (2) البخاري: كتاب التفسير/ باب (أفرأيتم اللات والعزى). (1) مسند الإمام أحمد (1/ 229)، وسنن أبو داود: كتاب الجنائز/ باب في زيارة النساء القبور، 4/ 95، والترمذي: الصلاة/ باب كراهة أن يتخذ على القبر مسجداً، 320 - وقال: "حديث حسن" -. (2) مسند الإمام أحمد (2/ 337)، والترمذي: الجنائز/ باب ما جاء في كراهة زيارة القبور للنساء، 4/ 12 - وقال: "حسن صحيح" -.

===============================

وفي الحديث ما يدل على تحريم زيارة النساء للقبور، وأنها من كبائر الذنوب، والعلماء اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال: القول الأول: تحريم زيارة النساء للقبور، بل إنها من كبائر الذنوب، لهذا الحديث. . .

القول الثاني: كراهة زيارة النساء للقبور كراهة لا تصل إلى التحريم، وهذا هو المشهور من مذهب أحمد عن أصحابه، لحديث أم عطية: "نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا" (1) القول الثالث: أنها تجوز زيارة النساء للقبور، لحديث المرأة: التي مر النبي صلى الله عليه وسلم بها وهي تبكي عند قبر، فقال لها: "اتقي الله واصبري". فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمثل مصيبتي. فانصرف الرسول صلى الله عليه وسلم عنها، فقيل لها: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجاءت إليه تعتذر، فيم يقبل عذرها، وقال: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" (1)، فالنبي صلى الله عليه وسلم شاهدها عند القبر ولم ينهها عن الزيارة، وإنما أمرها أن تتقي الله وتصبر. ولما ثبت في "صحيح مسلم" (2) من حديث عائشة الطويل، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى أهل البقيع في الليل، واستغفر لها ودعا لهم، وأن جبريل أتاه في الليل وأمره، فخرج صلى الله عليه وسلم مختفياً عن عائشة، وزار ودعا ورجع، ثم أخبرها الخبر، فقالت: ما أقول لهم يا رسول الله؟ قال: "قولي: السلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ... " إلخ. قالوا: فعلمها النبي صلى الله عليه وسلم دعاء زيارة القبور، وتعليمه هذا دليل على الجواز. ورأيت قولاً رابعا: أن زيارة النساء للقبور سنة كالرجال، لقوله صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة" (3)، وهذا عام للرجال والنساء. ولأن عائشة رضي الله عنها زارت قبر أخيها، فقال لها عبدالله بن أبي مليكة، أليس النبيصلى الله عليه وسلم قد نهى عن زيارة القبور؟ قالت: إنه أمر بها بعد ذلك (4). وهذا دليل على أنه منسوخ. والصحيح القول الأول، ويجب عن أدلة الأقوال الأخرى: بأن الصريح منها غير صحيح، والصحيح غير صريح، فمن ذلك: أولاً: دعوى النسخ غير صحيحة، لأنها لا تقبل إلا بشرطين: 1 - تعذر الجمع بين النصين، والجمع هنا سهل وليس بمتعذر، لأنه يمكن أن يقال: إن الخطاب في قوله: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها" للرجال، والعلماء اختلفوا فيما إذا خوطب الرجال بحكم: هل يدخل النساء أو لا؟ وإذا قلنا بالدخول - وهو الصحيح ـ، فإن دخولهن في هذا الخطاب من باب دخول أفراد العام في العموم، وعلى هذا يجوز أن يخصص بعض أفراد العام بحكم يخالف العام، وهنا نقول قد خص النبي صلى الله عليه وسلم النساء من هذا الحكم، فأمره بالزيارة للرجال فقط، لأن النساء أخرجن بالتخصيص من هذا العموم بلعن الزائرات، وأيضاً مما يبطل النسخ قوله: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج" (1)، ومن المعلوم أن قوله: "والمتخذين عليها المساجد والسرج"، لا أحد يدعي أنه منسوخ، والحديث واحد، فادعاء النسخ في جانب منه دون آخر غير مستقيم، وعلى هذا يكون الحديث محكماً غير منسوخ. 2 - العلم بالتأريخ، وهنا لم نعلم التأريخ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: كنت لعنت من زار القبور: بل قال: "كنت نهيتكم"، والنهي دون اللعن. وأيضاً قوله: "كنت نهيتكم" خطاب للرجال، ولعن زائرات القبور خطاب للنساء، فلا يمكن حمل خطاب الرجال على خطاب النساء، إذاً، فالحديث لا يصح فيه دعوى النسخ. وثانياً: وأما الجواب عن حديث المرأة وحديث عائشة، أن المرأة لم تخرج للزيارة قطعاً، لكنها أصيبت، ومن عظم المصيبة عليها لم تتمالك نفسها لتبقى في بيتها، ولذلك خرجت وجعلت تبكي
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير