تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(2) عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف، والجمهور على ضعفه، وليس ضعفه عن تهمة في صدقه أو دينه ولكن لقلة اتقانه وضبطه، قال ابن خزيمة: (ليس هو ممن يحتج أهل العلم بحديثه لسوء حفظه هو رجل صناعته العبادة والتقشف ليس من أحلاس الحديث). وليس ضعفه بالشديد فقد قال ابن أبي حاتم، وهو من المتشددين المتعنتين: (ليس بقوي في الحديث كان في نفسه صالحا وفي الحديث واهيا)، وبالغ فقال في موضع آخر: (هو أحب إلي من بن أبي الرجال!). وقال بن عدي بعد استعراض شامل لما أنكر عليه من أحاديث: (له أحاديث حسان وهو ممن احتمله الناس وصدقه بعضهم وهو ممن يكتب حديثه).

ولكن المتن مستقيم، و (القراء) المذكورين في الحديث كتموا الحق المبين، المقطوع به من كتاب الله وسنة نبيه، فاستحقاقهم لأن تكون عليهم (لعنة الله والملائكة) ما هو إلا تطبيق حرفي لنص القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ}، (البقرة؛ 2: 159 - 162).

لاحظ كذلك تسميتهم بـ (القراء)، وليس بـ (العلماء) وهو ما جرت به عادة الأحاديث الشريفة، مثل ما ثبت عنه عليه وعلى آله الصلاة والسلام، أنه قال: «إن أكثر منافقي أمتي قراؤه»، أي قراء القرآن، وفي رواية: «قراؤها»، أي القراء من الأمة، والمعنى واحد، كما هو مدروس في فصل مستقل آخر هذا البحث ألحقناه ها هنا لتعم هذه الفائدة المهمة، التي قل أن تجدها في مكان لآخر.

وللحديث طريق ثالثة:

u كما أخرجها الإمام ابنُ عساكرٍ في (تاريخ دمشق لابن عساكر، الجزء: 43، الصفحة: 347): [أخبرنا أبو الحسن الشافعي وأبو الحسن بن دريد قالا: أخبرنا نصر بن إبراهيم زاد الشافعي وأبو محمد بن فضيل قالا: أخبرنا أبو الحسن بن عوف أخبرنا أبو علي بن منير أخبرنا أبو بكر محمد بن خريم حدثنا هشام بن عمار حدثنا أبي عمار بن نصير بن ميسرة بن أبان الظفري حدثنا عباد بن كثير عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: (لا يزال الجهاد حلوا خضرا ما أمطرت السماء وأنبتت الأرض وسينشؤ نشؤ من قبل المشرق يقولون: (لا جهاد، ولا رباط) أولئك هم وقود النار. بل رباط يوم في سبيل الله خير من عتق ألف رقبة، ومن صدقة أهل الأرض جميعا)]

وهذا بذاته إسنادٌ ضعيفٌ أيضاً، ولكننا إنما نحتاجه متابعة:

- يزيدُ الرقاشي: هو يزيدُ بنُ أبان الرَّقَاشي أبو عمرو البصري القاص من زهادِ البصرةِ. وكلامُ أهلِ العلم فيه طويل، وأكثرهم إنما هو متبع لشعبة في ذلك، حيث كان الإمام شعبة بن الحجاج يقول: (لان ازني أحب الي من ان أحدث عن يزيد الرقاشي)، فأنكر عليه الإمام يزيد بن هارون هذه المبالغة القبيحة فقال: (وما كان اهون عليه الزنا؟!). تجد هذه القصة في (الكامل في ضعفاء الرجال) خلال ترجمة (يزيد بن أبان الرقاشي)، حيث قال الإمام ابن عدي: [حدثنا الحسن بن عثمان التستري حدثنا سلمة بن شبيب قال سمعت يزيد بن هارون يقول سمعت شعبة يقول: (لان ازني أحب الي من ان أحدث عن يزيد الرقاشي)، قال يزيد بن هارون: (وما كان اهون عليه الزنا؟!)]، وتجد كامل النص كما هو بطوله في (الكامل في ضعفاء الرجال) ملحقاً في فصل خاص آخر البحث، ثم اختتم الإمام بن عدي قائلاً: (وليزيد الرقاشي أحاديث صالحة عن أنس وغيره ونرجو انه لا باس به برواية الثقات عنه من البصريين والكوفيين وغيرهم) , وقال أبو حاتم، وهو المتشدد عادة: (كان واعظاً بكاءً كثير الروايةِ عن أنس بما فيه نظرٌ، صاحبُ عبادةٍ، وفي حديثهِ ضعفٌ). وبالغ ابنُ حبان، وهو المتساهل عادة، في الجرح فقال: (كان من خيارِ عبادِ اللهِ من البكائين في الخلواتِ والقائمين بالحقائق في السبراتِ، ممن غفل عن صناعةِ الحديثِ وحفظها، واشتغل بالعبادةِ وأسبابها حتى كان يقلبُ كلامَ الحسن فيجعله عن أنس وغيره

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير