تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَقَدْ اعْتَبَرَتْهُ الشِّيعَةُ الإِمَامِيَّةُ نَصَّاً فِى خِلافَةِ عَلِيٍّ بَعْدَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى كَفَّرَ بَعْضُهُم أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ فِي تَقْدِيْمِهِمْ الشَّيْخَيْنِ، وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَلَيْهِ، وَنَاصَبُوا أُمَّةَ الإِسْلامِ بِأَسْرِهَا الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ عَلَى وَلايَتِهِ وَإِمَامَتِهِ، بَلَهْ وَوَلايَةِ ذُرِيِّتِهِ وَإِمَامَتِهِمْ، وَعِصْمَتِهِمْ إِلَى اثْنَا عَشَرَ إِمَامَاً، آخِرُهُمْ الْغَائِبُ الْمُنْتَظَرُ.

قَالَ أبُو زَكَرِيَّا النَّوَوِيُّ ((شَرْحُ مُسْلِمٍ)): ((قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُون مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لا نَبِيّ بَعْدِي)) قَالَ الْقَاضِي: هَذَا الْحَدِيث مِمَّا تَعَلَّقَتْ بِهِ الرَّوَافِضُ وَالإِمَامِيَّةُ وَسَائِرُ فِرَقِ الشِّيعَةِ فِي أَنَّ الْخِلافَةَ كَانَتْ حَقّاً لِعَلِيٍّ , وَأَنَّهُ وَصَّى لَهُ بِهَا. قَالَ: ثُمَّ اِخْتَلَفَ هَؤُلاءِ , فَكَفَّرَتْ الرَّوَافِضُ سَائِرَ الصَّحَابَةِ فِي تَقْدِيْمِهِمْ غَيْرَهُ , وَزَادَ بَعْضُهُمْ فَكَفَّرَ عَلِيّاً، لأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ فِي طَلَبِ حَقّهِ بِزَعْمِهِمْ. وَهَؤُلاءِ أَسْخَفُ مَذْهَبَاً وَأَفْسَدُ عَقْلاً مِنْ أَنْ يُرَدَّ قَوْلُهُمْ , أَوْ يُنَاظَرَ. وَقَالَ الْقَاضِي: وَلا شَكَّ فِي كُفْرِ مَنْ قَالَ هَذَا ; لأَنَّ مَنْ كَفَّرَ الأُمَّةَ كُلّهَا وَالصَّدْر الأَوَّل، فَقَدْ أَبْطَلَ نَقْل الشَّرِيعَة , وَهَدَمَ الإِسْلام , وَأَمَّا مَنْ عَدَا هَؤُلاءِ الْغُلاة، فَإِنَّهُمْ لا يَسْلُكُونَ هَذَا الْمَسْلَكَ.

فَأَمَّا الإِمَامِيَّةُ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَة فَيَقُولُونَ: هُمْ مُخْطِئُونَ فِي تَقْدِيْمِ غَيْرِهُ لا كُفَّارَ. وَبَعْض الْمُعْتَزِلَة لا يَقُولُ بِالتَّخْطِئَةِ لِجَوَازِ تَقْدِيْمِ الْمَفْضُولِ عِنْدَهُمْ. وَهَذَا الْحَدِيثُ لا حُجَّةَ فِيهِ لأَحَدٍ مِنْهُمْ , بَلْ فِيهِ إِثْبَاتُ فَضِيلَة لِعَلِيٍّ , وَلا تَعَرُّضَ فِيهِ لِكَوْنِهِ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهُ أَوْ مِثْلَه , وَلَيْسَ فِيهِ دَلالَةٌ لاسْتِخْلافِهِ بَعْدَهُ , لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِعَلِيٍّ حِينَ اِسْتَخْلَفَهُ فِي الْمَدِينَةِ فِي غَزْوَة تَبُوكَ , وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ هَارُونَ الْمُشَبَّهَ بِهِ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً بَعْد مُوسَى , بَلْ تُوُفِّيَ فِي حَيَاةِ مُوسَى , وَقَبْلَ وَفَاة مُوسَى بِنَحْوِ أَرْبَعِينَ سَنَة عَلَى مَا هُوَ مَشْهُور عِنْد أَهْل الأَخْبَارِ وَالْقَصَصِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا اِسْتَخْلَفَهُ حِينَ ذَهَبَ لِمِيقَاتِ رَبّهِ لِلْمُنَاجَاةِ. وَاَلله أَعْلَمُ)) اهـ.

وَهَذَا الَّذِى ادَّعَتْهُ الرَّافِضَةُ مِنْ دِلالَةِ الْحَدِيثِ عَلَى النَّصِّ بِالْخِلافَةِ أَحَدُ مَكَائِدِهِمْ فِى تَحْرِيفِ نُصُوصِ الْوَحْي، فَهُمْ أَشْبَهُ الْفِرَقِ بِمَنْ ذَمَّهُمْ اللهُ جَلَّ ذِكْرُه بِقَوْلِهِ ((يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ)). وَلا يَغِيبَنَّ عَنْكَ أَنَّ الرَّافِضَةَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْبَاطِلِ ادِّعَاءَاً لِتَخْصِيصِ الْعُمُومِ، وَمَا تَنْزِيلُهُمْ لِعُمُومَاتِ آىِ الْقُرْآنِ فِى الثَّنَاءِ عَلَى الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عَلَى عَلِيٍّ وَآلِ بيْتِهِ دُونَ سَائِرِ الصَّحَابَةِ مِنْكَ بِبَعِيدٍ، فَقَلَّ آيَةٌ وَرَدَتْ فِى فَضْلِ الصَّحَابَةِ إِلا زَعَمُوا أَنَّ عَلِيَّاً رَضِيَ الله عَنْهُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِهَا، وَأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى وِلايَتِهِ وَإِمَامَتِهِ، وَقَلَّ آيَةٌ وَرَدَتْ فِى الذَّمِّ وَالتَّبْكِيتِ إِلا وَزَعَمُوا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا هُمَا الْمُرَادَانِ مِنْهَا، وَلا يَغِيبَنَّ عَنْكَ تَأْوِيلُهُمْ لآيَةِ ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير