تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(3) ذكر المزي في (تهذيب الكمال) سبعة وعشرين شيخاً روى عنهم الحديث حفص بن سليمان القارئ (44)، وقد تتبعتهم في (تقريب التهذيب) لابن حجر فوجدته يصف خمسة عشر منهم بـ (ثقة)، وعشرة منهم بـ (صدوق)، وواحد بـ (لا بأس به)، وواحد وصفه بمجهول، وهو كثير بن زاذان، الذي سأل عثمان بن سعيد الدارمي يحيى بن معين عنه، فقال:" قلت يروي (أي حفص القارئ) عن كثير بن زاذان من هو؟ قال: لا أعرفه" (45)، لكن ابن حجر ذكره في التهذيب وقال: كثير بن زاذان النخعي الكوفي، وذكر جماعةً من الرواة الذين رووا عنه سوى حفص، وذكر نقلاً عن الخطيب البغدادي أنه كان مؤذن النخع (46).

وذكر المزي خمسة وثلاثين راوياً أخذوا عن حفص بن سليمان القارئ، وقد تتبعت ما قاله فيهم ابن حجر في تقريب التهذيب، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، فوجدت أن معظمهم موصوف بأنه (ثقة) أو (صدوق).

وإذا نظرنا إلى حال شيوخ حفص القارئ وحال معظم تلامذته من حيث وصفهم بالثقة والصدق فإن من المناسب أن يكون حفصٌ كما وصفه وكيع بأنه: ثقة، أو كما وصفه الإمام أحمد بأنه: صالح، وأن نَعُدَّ كل ما وُصِفَ به من ألفاظ التجريح من باب الوهم والخلط الذي كان سببه نسبة القول بأخذ كتب الناس ونسخها إليه، وعدم الدقة في فهم قول أيوب بن المتوكل: إن أبا بكر شعبة أوثق منه.

(4) لعل مما يُعَزِّزُ هذه النتيجة أن تُعْقَدَ دراسة لمرويات حفص بن سليمان القارئ من الأحاديث، ومروياتِ مَن يشاركه في الاسم، ويُدْرَسَ حال رجالها، وتُوَازَنَ بمرويات غيرهم من المحدثين، للتحقق مما ورد عند ابن حبان من أن حفصاً كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، أو نحو ذلك مما نسبه إليه بعض العلماء بعد أن صنفوه في الضعفاء والمتروكين، وأرجو أن أتمكن من القيام بمثل هذه الدراسة في المستقبل، أو يقوم بها غيري ممن هو أكثر معرفة مني بعلم الحديث.

(5) والخلاصة التي يمكن ننتهي إليها من العرض السابق ونختم بها هي القول: إن حفص بن سليمان الأسدي كان إماماً في القراءة، ضابطاً لها، أفنى عمره في تعليمها، بدءاً ببلدته الكوفة التي نشأ فيها، ومروراً ببغداد التي صارت عاصمة الخلافة، وانتهاء بمكة المكرمة مجاوراً بيت الله الحرام فيها، وهو في أثناء ذلك أبدى اهتماماً برواية الحديث النبوي الشريف، لكنه لم يتفرغ له تفرغه للقراءة، ومن غير أن يتخصص فيه، لكن ذلك لا يقلل من شأنه أو يكون سبباً للطعن في عدالته (47)، بعد أن اتضح أن تضعيفه في الحديث كان نتيجة البناء على وَهْمٍ وقع فيه بعض العلماء المتقدمين، ويكفيه فخراً أن القرآن الكريم يُتْلَى اليوم بالقراءة التي رواها عن شيخه عاصم بن أبي النجود في معظم بلدان المسلمين، ونرجو أن ينال من الثواب ما هو أهل له، وما هو جدير به، شهدنا بما علمنا، ولا نزكي على الله أحداً.


المراجع:

(1) ينظر: الذهبي: سير أعلام النبلاء 5/ 560، وميزان الاعتدال 2/ 319.

(2) ينظر: كتابي: محاضرات في علوم القرآن ص 155 هامش 5.

(3) غاية النهاية 1/ 254 – 255.

(4) كتاب الضعفاء والمتروكين 1/ 221.

(5) الباعث الحثيث ص 137.

(6) الطبقات الكبرى 7/ 256.

(7) العلل ومعرفة الرجال 2/ 503.

(8) كتاب الضعفاء الصغير ص 32.

(9) ينظر: العقيلي: كتاب الضعفاء 1/ 270، وابن أبي حاتم: الجرح والتعديل 1/ 140 و3/ 320، و المزي: تهذيب الكمال 7/ 15، والذهبي: ميزان الاعتدال 2/ 320، وابن حجر: تهذيب التهذيب 2/ 345.

(10) تاريخ بغداد 8/ 186، وينظر: المزي: تهذيب الكمال 7/ 13، وابن حجر: تهذيب التهذيب 2/ 345.

(11) الكامل في الضعفاء 2/ 380.

(12) تاريخ ابن معين ص 97، وينظر: ابن حبان: كتاب المجروحين 1/ 255، وابن عدي: الكامل في الضعفاء 2/ 380، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 8/ 186، والمزي: تهذيب الكمال 7/ 13، وابن حجر: تهذيب التهذيب 2/ 345.

(13) ينظر: العقيلي: كتاب الضعفاء 1/ 270، والذهبي: ميزان الاعتدال 2/ 320.

(14) الكامل 2/ 380، وينظر: المزي: تهذيب الكمال 7/ 15، وابن حجر: تهذيب التهذيب 2/ 345.

(15) كتاب الضعفاء والمتروكين 1/ 221.

(16) غاية النهاية 1/ 254.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير