تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و يقول: (كانت تآليف الأولين مفعمة بالأنظار المبتكرة، والمنازع الاجتهادية في كل العلوم، ومن آثار ذلك التي لا تزال شاهدا على مقدار إطلاق العنان للتآليف في شباب الإسلام ما نرى في الكتب من حكاية الأقوال، حتى إنك لتجد أقوالا ما كان ينبغي أن يتسامح بعدّها أقوالا لشدة ضعفها، ولكن احترام الأفكار هو الذي بعث المؤلفين على إثباتها، وإحالتها على نقد المطالعين، حتى انقلب ذلك بالناس إلى اعتقاد أن كل قول مسطور فهو صحيح لا ينبغي الطعن فيه، ولا يتحرج من الأخذ به). ولعلي أعود للنقل من كلامه عند الاحتياج إلى ذلك.

وقد كان المناسب للاستطراد أن أذكرَ الشروط والآداب اللازم توفرها في متعاطي تصنيف الكتب، وأن أذكر الشروط الواجب حصولها في المصنفات، كي يتم بها النفع، ولكن قدرت أن هذا سيخرج بنا عما نحن بصدده، فأكتفي بذكرها على هيئة عناوين، وتفصيل ذلك وشرحه لا يخفى على أهل الحديث الكرام.

التصنيف والتأليف كلمتان جرى استعمالهما في المجال العلمي مترا دفتين تسامحا، ويعنيان إجمالا: التدوين العلمي المنظم للمعرفة، وسبقهما استعمال كلمة: التدوين، قال الشيخ بكر أبوزيد في كتابه الذي لم أر تكملته [التأصيل لأصول التخريج ... ] 102: (كتابة الحديث في عصر النبي وعصر أصحابه رضي الله عنهم وصدر التابعين كانت موجودة على سبيل التدوين، لكن لم تكن مرتبة ولا مصنفة على سبيل التصنيف والتأليف أبوابا).

وفي بيان معنى التأليف والتصنيف يقول حاجي خليفة في كشف الظنون 1/ 35: (التأليف إيقاع الألفة بين الكلام مع التمييز بين الأنواع، والتصنيف أعم منه، إذ هو جعل الشيء أصنافا متميزة، هذا بحسب الأصل وقد يستعمل كل منهما مكان الآخر).

وبما أن حديثنا عن المصنفات الفقهية؛ فقد عرف أحد الأساتذة التصنيف الفقهي بقوله: (التدوين المنظم للفقه الإسلامي وفق قانون مصطلح عليه وأعراف متداولة).

ثم أردف قائلا: (وقولنا في تعريف التصنيف الفقهي: إنه تدوين منظم يخرج به كل التدوينات الفقهية غير المنظمة، كتلك التي يسجلها الطلاب والتلاميذ عن أئمتهم في مجالس الدرس والمذاكرة، وهي المسماة بالمجالس والأمالي والتعليقات قبل أن تهذب وتنقح وتقابل على الأصول، وكالتدوين الأول للعلوم الشرعية في عهد الصحابة والتابعين والذي كان تقييدات وصحفا غير منظومة إلى باب.

كما لا يدخل في التصنيف الفقهي كتب المحاضرات والأدب والتاريخ والطبقات والمناظرات والمواعظ، المتضمنة لبعض القضايا أو النقول الفقهية على وجه التبع والإلحاق أو المزج).

شروط التصنيف وآدابه إجمالا، وتجمعها الأهلية العلمية: الأخذ عن الشيوخ، اكتمال السن (النضج) قال ابن عفيف حاكيا عن ابن أبي دليم: «وكان لا يرى أن يسمى طالب العلم فقيها حتى يكتهل ويكمل سنه ويقوى نظره، ويبرع في حفظ الرأي ورواية الحديث، ويبصره ويميز طبقات رجاله، ويحكم عقد الوثائق ويعرف عللها، ويطالع الاختلاف ويعرف مذاهب العلماء، والتفسير ومعاني القرآن، فحينئذ يستحق أن يسمى فقيها وإلا فاسم الطالب أليق به) ترتيب المارك 6/ 151.

حصول الملكة في الفقه، التفرغ وعدم الاشتغال بالصوارف، سعة الإطلاع، المعرفة بالعلوم المساعدة ...

أما الشروط الأخلاقية فمما اشتهر وظهر، فلا أطيل بذكره، وفقنا الله للتحلي بها.

ما يطلب في المصنفات: الإبداع والابتكار، قال العلامة ابن حزم في رسالته في فضل الأندلس 2/ 186: (وإنما ذكرنا التآليف المستحقة للذكر، والتي تدخل تحت الأقسام السبعة التي لا يؤلف عاقل إلا في أحدها، وهي: إما شيء لم يسبق إليه فيخترعه، أو شيء ناقص يتمه، أو شيء مستغلق يشرحه، أو شيء طويل يختصره، دون أن يخل بشيء من معانيه، أو شيء مفترق يجمعه، أو شيء مختلط يرتبه، أو شيء أخطأ فيه مؤلفه يصلحه ... ).

حسن الانتقاء والاختيار، مع الترتيب والتبويب والتهذيب والتقريب، قال بعض العلماء: (اختيار الكلام أشد من نحت السِلام) وقالوا: .

الاشتغال بمقاصد العلم والاستعانة بوسائله، الإحالة العلمية عند النقل من الغير، تهذيب المصنف وتحريره قبل إخراجه للناس، حس الأسلوب، والحرص على السلامة من اللحن ....


#45 25 - 05 - 2005, 04:48 PM
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير