تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[لتدارس ابواب من الفقه و الدعوة جفلى]

ـ[الزقاق]ــــــــ[14 - 02 - 06, 05:21 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله و على آله وصحبه و من اتبع هداه

أما بعد فأقترح على الإخوة فقهاء و محدثين أن نتجاذب أطراف التدارس لبعض المسائل الفقهية التي يأتي الكلام فيها على أبواب متفرقة من العلم ليكون ذلك مدعاة لاستذكار تلك الأبواب و لعل الله أن ييسر لبعض الإخوة نقولا نفيسة ينتفع بها أهل هذا المنتدى المبارك في بحوثهم المختلفة. و لما كنت مالكيا لا أكاد ألم بسوى مذهبي اقترحت أن يكون الكلام على مسائل انفرد بقول فيها المالكية أو خالف المتأخرون فيها ما رجحه سلفهم (من غير تشنيع) و إن أراد بعض الإخوة أن يوسع المجال إلى مسائل أخرى فلا بأس و لكن المأمول من كل من لديه فائدة أيا كانت حول المسألة أن يغني الموضوع بها. و أبدأ بمسألة حيرت ذوي النهى في باب الطهارة على بركة الله

ـ[الزقاق]ــــــــ[14 - 02 - 06, 05:25 م]ـ

1 - الموالاة

الموالاة هي الاتيان بجميع الطهارة في زمن متصل من غير تفريق فاحش. و يطلق عليها المالكية أحيانا الفور. {تعريف الحطاب المالكي في مواهب الجليل}

مشهور مذهب مالك أن الموالاة واجبة مع الذكر و القدرة تسقط بالنسيان والعجز {الحطاب على خليل} ,و وجوب الموالاة مذهب أحمد و إن أغفل ذكره كثير من المحققين اعتمادا على الخرقي {المغني لابن قدامة وزبدة الأحكام للهندي}. و انفرد الإمام أحمد في المشهور من مذهبه و الراجح عند جل أصحابه بعدم إسقاطه الحكم بالنسيان {المرداوي الإنصاف و البهوتي في المفردات}. و نازع الشيخ تقي الدين ابن تيمية أهل مذهبه و أطال النفس في ترجيح مذهب الإمام مالك {الفتاوي}.

و الذي يظهر عند التأمل أن كلام شيخ الإسلام متجه إلى شرط القدرة و يمكن تلخيص الأدلة التي أوردها على طولها في ثلاث نقاط: أولا توجيه الحديث الذي يستدل به الخصم وهو أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر الذي ترك لمعة مقدار درهم من رجله لم يغسلها أن يعود فيحسن وضوءه و في رواية أن يعيد وضوءه {رواه أبو داوود و أحمد عن صحابي و مثله عند مسلم و ابن ماجه عن عمر و عند جماعة الخبر موقوف على عمر و فيه زيادة ترجح هذا المذهب-سنن البيفقي} , فيجاب عن هذا بأنها قضية عين و المأمور بالإعادة مفرِّط لأنه كان قادرا على الغسل و نظير هذا حديث الأعقاب, ثانيا أن أحكام الشريعة جارية على الاستطاعة لقوله تعالى "فاتقوا الله ما استطعتم" وقوله صلى الله عليه و سلم "ما أمرتكم به فآتوا منه ما استطعتم",ثالثا أن هذا هو الأقرب إلى مذهب الامام أحمد و أورد نظائر كثيرة,

أما النسيان فقد اختلفت عبارة المالكية في الاستدلال له فابن رشد يرجعه إلى الأصل العام في العفو عن النسيان الدالة عليه أحكام الشريعة بالاستقراء دلالة قطعية و إن كان الحديث الشهير لا يكاد يقوم له سند {انظر البداية و كذلك الموافقات للشاطبي}.قلت صححه الحاكم في مستدركه و ابن حبان بصيغة "وضع" {و انظر فتح الوهاب للشيخ زكريا الأنصاري}.

أما القرافي في الذخيرة فيرى أن العذر بالنسيان هنا استثناء من الأصل وهو أن الواجب لا يسقط بالنسيان وذكر نظائر خمسا له. و أن تلك الأمور أخرجت من الأصل لضعف مدرك الوجوب فيها بسبب تعارض المآخذ {الذخيرة} قلت هو إذن من باب مراعاة الخلاف المعتبر لدى المالكية {لتأصيل هذا الاعتبار -الموافقات}.

و هذا الاختلاف الذي يكاد يكون تناقضا-جارٍ على الخلاف الشهير في كتب الأصول حول المقتضى في الحديث السابق الذكر {الإحكام للآمدي, الروضة لابن قدامة, المعتمد لأبي الحسن البصري المعتزلي ,الفصول للجصاص,,,} فقد نقل الشوكاني عن شارح المحصول في هذه المسألة ثلاثة مذاهب: أحدها أنه مجمل. والثاني الحمل على رفع العقاب آجلاً والإثم عاجلاً قال وهو مذهب الغزالي (قلت و مذهب الجمهور). والثالث رفع جميع الأحكام الشرعية واختاره الرازي في المحصول وممن حكى هذه الثلاثة المذاهب القاضي عبد الوهاب في الملخص ونسب الثالث إلى أكثر الفقهاء من الشافعية والمالكية واختار هو الثاني. {إِرْشاد الفُحول}

قلت فكأن ابن رشد من فقهاء المالكية الذين يرون سقوط القضاء بالنسيان و الله أعلم.

من جهة أخرى هذا الفرع جاري على قاعدة قرَّرها العلماء وهي أن النسيان و الجهل يعذر بهما في حقوق الباري عزَّ و جلَّ في المنهيَّات دون المأمورات, فالفرق بينهما من جهة المعنى أن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها و ذلك لا يحصل إلا بفعلها و المنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحانا للمكلف بالانكفاف عنها و ذلك إنما يكون بالتعمَّد لارتكابها ومع النسيان و الجهالة لم يقصد المكلَّف ارتكاب المنهيِّ فعذر بالجهل فيه, {المنثور للزركشي} فالمنهي عنه التفريق الفاحش إذا وقع للنسيان لم يجب فيه القضاء.

قلت و مما يستدل به على أن المعذور لا يجب عليه إلا البناء ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه رأى رجلا و بظهر قدمه لمعة لم يصبها الماء فقال له عمر أبهذا الوضوء تحضر الصلاة و أمره بإعادة الوضوء فقال ياأمير المؤمنين البردشديد و مامعي مايدفئني فرقَّ له بعد ما همَّ به فقال له اغسل ما تركت من قدمك و أعد الصلاة و أمر له بخميصة. يفهم من هذا الحديث أنه أولا أراد أن يحمله على الأولى و "العزيمة" ثم عدل به إلى حكمه و هو أن الواجب إنما هو البناء لا الإعادة, قلت و هذا الحديث كأنه شارح للحديث المرفوع السابق سيما أن عمر هو المحدث به في بعض الوايات فيكون فهم من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه الأولى, وأن الوجوب إنما يكون على من تهاون في ذلك و تركه عامدا. و استدل بهذا الحديث الشافعية على أن حكم الموالاة إنما هو الندب لا الوجوب {انظر سنن البيهقي} و يضيفون إليه الحديث الصحيح عن عمل ابن عمر وانتقد الاستدلال به شيخ الاسلام {الفتاوي}

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير