تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رِسَالَةٌ في المُحَرَّمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ

ـ[محمد براء]ــــــــ[16 - 03 - 06, 10:43 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه ورقات كنت قد كتبتها قبل اشهر، وأحببت ان أطلعكم عليها راجياً من الجميع النصح والتوجيه.

عَنْ تَميمٍ الدَّاريِّ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((الدِّينُ النَّصيحَةُ ثلاثاً) قُلْنا: لِمَنْ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: ((للهِ ولِكتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأئمَّةِ المُسلِمِينَ وعامَّتِهم)) رَواهُ مُسلمٌ.


رِسَالَةٌ في المُحَرَّمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يَسِّر وَأعِن بِرَحمَتِكَ
إنَّ الحَمدَ للهَ نَحمَدُه وَنَستَعِينُهُ وَنَستَغفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِن شُرُورِ أنفُسِنَا وَمِن سَيِئَاتِ أعمَالِنَا، مَن يَهدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَن يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأشهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهَ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّدَاً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ. وبَعدُ،
فهذه رسالة في بابٍ فقهيٍّ من أبواب النِّكاح، وهو باب المُحَرَّمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، ذكرتُ فيه من يحرُم من النِّساء مؤبَّداً، ومن يحرم مهنَّ مؤقتاً، مع ذكر الأدلَّة، والبحث في المسائل التي اختلف فيها العلماء رضي الله تعالى عنهم.
فأقول وبالله التوفيق:
المُحَرَّمَاتُ مِنَ النِّسَاءِ: هنَّ النساء اللاتي يحرم نكاحنّ، وذلك من باب إسناد الحكم إلى الذات وإرادة صفتها، فليس المراد تحريم ذواتهن، وإنما المراد تحريم نكاحهن؛ لأنه أعظم ما يقصد منهنَّ، وذلك مثل قوله تعالى: ?حُرِّمَت عَلَيكُمُ المَيتَةُ? [المائدة: الآية 3]. أي: حُرِّم عليكم أكلها.
والمقصود بالتحريم هنا: التأثيم وعدم الصحة، لأن التحريم يمكن أن يطلق بمعنى التأثيم مع الصحة، كما في نكاح المخطوبة على خطبة الغير.
ويمكن التعبير عن هذا المبحث بـ (موانع النكاح)، كما عبَّر به بعض الفقهاء.
والأصل في هذا الباب: الكتاب والسنة والإجماع؛ فالكتاب: قوله تعالى: ? وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إلا مَا قَدْ سَلَفَ إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقتَاً وَسَاءَ سَبِيلاً (22) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُم وَأخوَاتُكُم وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُم وَبَنَاتُ الأخِ وَبَنَاتُ الأختِ وَأمَّهاتُكُم اللاتِي أرضَعنَكُم وَأخوَاتُكُم مِن الرَضَاعَةِ وأمَّهَاتُ نِسَائِكُم وَرَبَائِبُكُم اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِن نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلتُم بِهِنَّ فَإنْ لَم تَكُونُوا دَخَلتمُ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيكُم وَحَلائِلُ أبنَائِكُم الَّذِينَ مِن أصلَابِكُم وَأنْ تَجمَعُوا بَينَ الأُختَينِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إنَّ اللهَ كَانَ غَفُورَاً رَحِيمَاً (23) وَالمُحصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَت أيمَانُكُم كِتَابَ اللهِ عَليَكُم وَأحِلَ لَكُم مَا وَرَاءَ ذَلِكُم أنْ تَبتَغُوا بِأموَالِكُم مُحصِنِينَ غَيرَ مُسَافِحينَ .. ? [النساء: الآيات 22 - 24].
و السنة قوله ?: "الرضاعة تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الوُلَادَةُ" () وقوله: "لا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ المِرْأةِ وعَمَّتها ولا بَيْنَ المِرْأةِ وخالتِها" ().
وأما الإجماع فقد أجمعت الأمة على تحريم المذكورات في آيات النساء؛ قال الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى: "كل هؤلاء اللواتي سمَّاهنَّ الله تعالى وبيّن تحريمهن في هذه الآية؛ محرمات غير جائز نكاحهن لمن حرم الله ذلك عليه من الرجال، بإجماع جميع الأمة؛ لا اختلاف بينهم في ذلك، إلا في أمهات نسائنا اللواتي لم يدخل بهن أزواجهن فإن في نكاحهن اختلافا بين بعض المتقدمين من الصحابة " (). وسيأتي ذكر ذلك الخلاف، وهو خلاف في جزئية، وليس خلافاً في أصل تحريم أمِّ الزوجة.
وقد كان أهل الجاهلية يحرِّمون ما حرَّم الله إلا امرأة الأب، والجمع بين الأختين، كما هو ثابت عن ابن عباس? ().
ويُقسم التحريم باعتبار مدَّته إلى قسمين تحريم مؤبّد، وتحريم مؤقت:
القسم الأول: التحريم المؤبَّد
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير