[دوافع استجابة المدعوين للدعوة]
ـ[أ / زينب الراجحي]ــــــــ[16 - 01 - 06, 05:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[دوافع استجابة المدعوين للدعوة]
عندما نرى استجابة المدعو للدعوة، نتيقن أن هناك بواعث تحثه على هذه الاستجابة، وتجعله ينقاد إليها، ومن خلال الأمور التالية سوف نتعرف على أهم هذه الدوافع التي جعلت الأنصار يستجيبون لدعوة الرسول صلى اللع عليه وسلم:
أولاً: إعمال العقل والتفكير السليم:
أودع الله تعالى في الإنسان نعمة العقل، وميزه بها عن سائر المخلوقات، وبسلامة العقل يكون الإنسان مكلفاً، وباعتلاله يرفع عنه التكليف، كما ورد ذلك في الحديثِ عَنْ أم المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها َ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ".
وقد وردت آيات في القرآن الكريم تحث على التفكر وإعمال العقل منها:
قوله تعالى {أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين}.
وقوله تعالى {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد}.
وقوله تعالى {أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيراً من الناس بلقاء ربهم كافرون}.
والمتأمل في اللقاء الأول للأنصار بالرسول صلى الله عليه وسلم عند العقبة يجد أنهم أعملوا عقولهم، وفكروا تفكيراً سديداً، يدل على هذا ما أوردته سابقاً عند لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم برهط من الخزرج، ودعاهم إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن، ماذا قالوا عند سماعهم للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؟ قالوا (تعلمون والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود، فلا تسبقنكم إليه) فاستجابوا للرسول صلى الله عليه وسلم فيما دعاهم إليه، وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام.
نستنتج من مقولة الأنصار ومن فعلهم أنهم أعملوا عقولهم، وفكروا تفكيراً سليماً، بأن استجابوا للرسول صلى الله عليه وسلم وقبلوا منه ما عرض عليهم.
أيضاً تأمُل ما جاء في القرآن الكريم، والاستماع إليه، كان مفتاحاً لإسلام أسيد بن حضير و سعد بن معاذ رضي الله عنه، فعندما قرأ عليهما مصعب بن عمير رضي الله عنه القرآن الكريم، تغير وجهيهما، نتيجة تفكرهما و إدراكهما أن ما قرأه عليهما ليس من كلام البشر، فشرح الله تعالى صدورهم للإسلام.قال تعالى {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لايؤمنون}.
وخلاصة القول: إن الله سبحانه وتعالى منح الإنسان العقل لا من أجل تعطيله أو إعماله فيما يعود عليه بالضرر، وإنما من أجل أن يفكر ويتفكر به فيما يعود عليه بالنفع، فهو الذي يقود إلى الاهتداء بإذن الله تعالى، إذا لم تتغلب على الفكر الشبهات والشهوات، فإن تغلبت هذه الشبهات والشهوات على عقل صاحبها اصبحت دماراً عليه وعلى مجتمعه وأمته، فعلى سبيل المثال: من يتحدث عن وحدة الأديان، وهو ممن يُعدّ من المسلمين، ويقرأ قول الله تعالى {إن الدين عند الله الإسلام} وقوله تعالى {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} هذا الإنسان أصبح لديه شبهة في معتقده فرأى أنه من المستحسن أن تتوحد الأديان نتيجة لتشبع فكره وانحراف مسار مفاهيمه السليمة.
ثانياً: دافع الفطرة:
قال الله تعالى (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
عَنَّ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أوَيُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ "ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ).
¥