تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدليل الاول: ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال (لما فتح هذا المصران -أي الكوفة والبصرة -أتوا عمر فقالوا ياأمير المؤمنين إن رسولالله حدّ لأهل نجد قرناً وهو جور عن طريقنا وإنّا إن أردنا قرناً شق علينا فقال انظروا حذوها من طريقكم فحدّلهم ذات عرق) (18)

وجه الدلالة منه:أن القاعدة في تحديد المواقيت غير المنصوص عليها هي المحاذاة وحدّها أن تكون مسافة المحاذي والمحاذي به عن مكة متساوية،أو يكون الموضع المحاذي واقعاً بين ميقاتين على خط واحد.

فتبين بذلك أن مدينة جدة ميقات مكاني؛ لأنها محاذية لميقاتي الحجفة ويلملم حيث تقع بينهما، وهي جميعا على خط واحد، كما أن مسافة جدة عن مكة مقاربة لمسافةيلملم عن مكة فيتحقق بذلك معنى المحاذاة في جدة.

وأجيب:بأن ماذكرتموه من أنّ القاعدة في تحديد المواقيت غير المنصوص عليها هي المحاذاة صحيح لكنّ حَد المحاذاة الذي ذكر تموه لايسلم بإطلاق، فتفسيركم المحاذاة بالمعنى الثاني وهو كون الموضع المحاذي واقعاً بين ميقاتين على خط واحد،فهذا غير مسلم لغة وشرعاً،وذلك ان كلمة "حذا" في اللغة لا تدل على تسمية المكان الواقع بين مكانين محاذياً. (18) ولو صح هذا المعنى لغة،فإنه لا يصح شرعاً لأنه سيؤدي إلي أنّ أي مكان واقع بين مكة والمدينة يسمى محاذياً للمواقيت، فيجوز الإحرام منه؛ لأنه يصدق على مكة اسم مكان كما يصدق هذا الاسم على المواقيت أيضا. (20)

ثم إن هذا التفسير للمحاذاة وهوكون المكان واقعاً بين ميقاتين على خط واحد مخالف لتفسير أهل العلم كما تقدم بيانه (21).

وأما المعنى الأول للمحاذاة وهوكون مسافة المحاذي والمحاذى به عن مكة متساوية فصحيح، إلا أن تنزيله على مدينة جدة وكونها محاذية للجحفة (22) أو يلملم (23) غير صحيح، وذلك لأن مسافتها عن الحرم متفاوتة وليست سواء،فمسافة جدة عن الحرم تقارب سبعين كيلاً، بينما مسافة الجحفة عن مكة تقارب مائة وسبعة وثمانين كيلاً، ومسافة يلملم عن مكة أربع وتسعون كيلاً (23)، فكيف نقول بالمحاذاة وهي تساوي بعد المكانين عن الحرم مع هذا التفاوت الظاهر.

الدليل الثاني: أن أهل العلم قد اتفقوا على أن من قدم من مكان لا ميقات له يحرم من مسافة أقرب المواقيت إليه إذا كان حذوه، ولما كان القادمون إلى جدة من المغرب ليس لهم ميقات معين يحرمون منه وكان أقرب ميقات إلى لجدة هو يلملم وكانت مسافته عن مكة تساوي مرحلتين وكذا مسافة جدة عن مكة،فهما متساويتا المسافة عن مكة، فجدة إذن ميقات مكاني إضافي على المواقيت المنصوصه. (24)

وأجيب عنه: بأنه لايسلم حكاية الاتفاق على أن من قدم من مكان لاميقات له أنه يحرم من مسافة أقرب المواقيت إليه إذا كان حذوه، بل لقد نقل ابن حزم الخلاف في ذلك على رأيين، فقالت طائفة: يحرم وقال آخرون لا يحرم (25).وقال:" وأما سائر الروايات التي ذكرنا عن الصحابة والتابعين فليس في شيئ منها أنهم مروا على الميقات، وإذ ليس فيها فكذلك نقول:إن من لم يمر على الميقات فليحرم من حيث شاء " (25).وعليه فإنه لا يحتج على المخالف بمحل النزاع.

الدليل الثالث: أنه لا محاذاة في البحر البتّة وذلك:

1 - لأنه يتعذر تعيين المواقيت فيها.

2 - ولأنه لم يقم على هذا دليل في الكتاب والسنة أو الإجماع.

3 - ولأنه لا تتحقق في البحر المحاذاة على المعنى الصحيح، فيتبين بذلك أنّ للقادم من البحر تأخير الإ حرام إلى جدة. (26)

وأجيب عنه: بعدم التسليم بأنه لا محاذاة في البحر فهذا مخالف لما ذهب إليه أهل العلم من وجوب الإحرام على من كان البحر طريقه إلى مكة إذا حاذى الجحفة أو يلملم. (27) بل المحاذاة حاصلة لمن كان البحر طريقه ولا تتعذر المحاذاة في البحر كما أننا نقول بأنه لا ميقات في البحر، ولكن يمكن محاذاة ميقات الجحفة ويلملم، وهما قريبان من البحر وليست محاذاتهما متعذرة للقادم من الشمال أو الجنوب.

الدليل الرابع: أنّ مدينة جدة لا تخلو:

1 - إما أن تكون داخل المواقيت والمواقيت خلفها.

2 - أو خارج حدود المواقيت.

3 - أو على المحيط نفسه.

أما الحالة الأولى:فيعني هذا الزيادة على مسافة المحاذاة وهذا مردود شرعاً وواقعاً.

وأما الحالة الثانية فلا يقول بها أحد، وأما الحالة الثالثة فهي المتعنية فتكون جدة ميقاتاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير