تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وروى الإمام مسلم-رحمه الله- من حديث طويل عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ... وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا ... ".

والفطرة هي: (في الأصل الخلقة، والمراد بها هنا: الملة وهي الإسلام والتوحيد) ().

(وإن كان الله تعالى قد فطر الخلق كلهم على معرفته وتوحيده، والعلم بأنه لا إله غيره، كما أخذ عليهم الميثاق بذلك وجعله في غرائزهم وفطرهم، ومع هذا قدر أن منهم شقياً ومنهم سعيداً).

والدافع الفطري: (يتمثل فيما خُلق عليه الإنسان من التوحيد والإقرار بأن الله هو الرب الخالق، المالك، الرازق، المتصرف، وبأنه هو الإله المعبود وحده).

وقد أراد الله -عز وجل – بهؤلاء النفر من الخزرج السعادة في الدارين، فما إن التقوا بالرسول صلى الله عليه وسلم وسمعوا منه القرآن، وما بينه لهم من أمور الدين، حتى استيقظت فِطَرهم السّوية التي فطرهم الله عليها، وأدركوا أن ما دعاهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق،الذي يجب أن يتُبع.

ثالثاً: الدافع الأمني:

إن الرغبة في اجتماع الكلمة، وانتظام الشمل، والتفادي من الحروب مطلب كل إنسان، فهو دافع قوي للاستجابة، (والدافع الأمني نابع من حاجة المرء للسند والقوة والحماية، مما تحمله على أداء سلوكيات معينة وتجنب أخرى ليطمئن ويستقر ويشعر بالحماية والمعونة، وليؤول إلى مرجع يستحق اللوذ به والركون إليه).

و يعدّ الأمن من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، وقد امتن الله تعالى على قريش بهذه النعمة العظيمة حيث قال تعالى {لإيلاف قريش إيلافهم، رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع و أمنهم من خوف}.

وقد جعل الله تعالى الأمن الحقيقي والشامل لعباده الموحدين، الذين يفردونه بالعبودية ولا يشركون بعبادة ربهم أحدا، حيث قال تعالى {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}.

ومن خلال مرويات بيعتي العقبة، نجد أن من أهم الدوافع لاستجابة الخزرج هو حاجتهم إلى الأمن و الاستقرار، واجتماع كلمتهم، وتوحيد صفوفهم، والقضاء على الحروب التي استمرت أعواماً عديدة وقُتل فيها خلق كثير.

ويدل على هذا الدافع قولهم للرسول صلى الله عليه وسلم عندما التقوا به للمرة الأولى عند العقبة،وقبلوا دعوته (إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من الشر والعداوة ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك 000فإن يجمعهم الله عليه فلا رجل أعز منك).

إذن الحاجة إلى الأمن والاستقرار هي من أساسيات الحياة، التي يسعى إليها الإنسان، وهي من أهم الدوافع التي تجعله يستجيب للدعوة التي تحقق له الأمن المطلوب.

رابعاً: معرفة النبوات والاختلاط بأهل العلم:

لاشك في أن الإطلاع على النبوات، والاختلاط بأهل الكتاب والتعامل معهم، والسماع لما يذكرونه من أخبار موجودة في كتبهم، تتضمن إشارات بقرب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، يعطي تصوراً عن ما قد يحدث مستقبلاً، وهذا بالتأكيد قبل ظهور الإسلام، وهذا ما استنبطه أهل المدينة - عندما التقوا بالرسول صلى الله عليه وسلم وسمعوا منه - أنه النبي الذي توعدهم به يهود،وكما مر بنا سابقاًً أن سكان المدينة كانوا خليطاً من العرب المشركين واليهود الذين قدموا من أطراف الجزيرة، وكان العرب يتعاملون مع اليهود، ويسمعون منهم أنه قد أظل زمان ظهور نبي في جزيرة العرب، هذا ما ذكره ابن إسحاق بقوله (وكان مما صنع الله بهم، أن يهود كانوا معهم في بلادهم، وكانوا أهل كتاب وعلم، وكانوا هم أهل شرك وأصحاب أوثان، وكانوا قد غزوهم ببلادهم، فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم: إن نبياً مبعوث الآن، قد أظل زمانه، نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد و ارم ... ). من أجل ذلك كان الأنصار سباقين إلى قبول دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم واحتوائه والترحيب به، ومبايعته والانضمام تحت لوائه.

وهكذا تم التعرف على أهم دوافع استجابة المدعوين للدعوة، والتي ينبغي للداعية أن يركز عليها، ويبين أهميتها للمدعوين، من أجل أن تثمر دعوته ويستجيب لها الناس.

ـ[طلال العولقي]ــــــــ[17 - 01 - 06, 10:56 ص]ـ

بارك الله فيكم

ذكرتم: إعمال العقل

معايير العقلاء بحث للشيخ جعفر شيخ إدريس في آخر أربعة أعداد

http://www.albayan-magazine.com/bayan-219/bayan-09.htm

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير