تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كعلي وابن عباس و ... ) (1). النوع الثالث من أدلة القوم: إستدلالهم ببعض اعتبارات استحسانية قال ابن رشد - بعد أن يئس من الأدلة النقلية على وجوب الغسل -: (ولكن من طريق المعنى فالغسل أشد مناسبة للقدمين من المسح، كما أن المسح أشد مناسبة للرأس من الغسل، إذ كانت القدمان لا ينقى دنسهما غالبا إلا بالغسل وينقى دنس الرأس بالمسح وذلك أيضا غالب. والمصالح المعقولة لا يمتنع أن تكون أسبابا للعبادات المفروضة حتى يكون الشرع لاحظ فيها معنيين: معنى مصلحيا ومعنى عباديا. وأعني بالمصلحي: ما رجع إلى الامور المحسوسة، وبالعبادي: ما رجع إلى زكاة النفس) (2). ونقول في جوابه: لا يمكن لأحد من أهل العلم أن يلتزم بأن الأحكام الشرعية تستنبط من العقل وظنونه واحتمالاته، حتى لو كان عقل فيلسوف كبير، خاصة إذا قام برد آيات الله تعالى، وتكثير الاحتمالات فيها للتخلص من ظاهرها. وإذا أراد أحد أن يوافق ابن رشد على تصوراته عن المعنى المصلحي والعبادي وعن الطهارة الحسية والمعنوية فعليه أن يرفض التيمم الذي هو طهارة شرعية بينما هو في الظاهر وضع غبار على الوجه واليدين. وعلى ابن رشد ألا يقبل الطهارة بالاستجمار، ويوجب الغسل وأن يوجب على أهل القرى طهارة أشد من أهل المدن، وعلى العمال أكثر من الموظفين .. إلى آخره. وأخيرا: إن سماحة ابن رشد يستطيع أن يقول هذا الكلام لمن كان شأنه سدى، وأمره هملا يختار لنفسه ما يشاء ويفعل ما يريد. وأما من كان له رب وهو البارئ الكريم، ونبي وهو الرسول العظيم وكتاب وهو القرآن الحكيم فكيف يترك جميع ذلك وراءه ظهريا ويتشبث باعتبارات وهمية وتأويلات مزخرفة؟ إن المخلصين من عباد الله يفهمون بأنهم متعبدون بنصوص شرعية لا متحجرون على خيالات


(1) عون المعبود 1: 119. (2) بداية المجتهد 1: 16.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير