تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

-كما اتفقوا على عدم جواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط الترك، لثبوت ذلك بالنص" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري " أو " المبتاع " (13).

قال الكمال بن الهمام في فتح القدير (14):

(لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ , وَلَا فِي عَدَمِ جَوَازِهِ بَعْدَ الظُّهُورِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ التَّرْكِ , وَلَا فِي جَوَازِهِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ , وَلَا فِي الْجَوَازِ بَعْد بُدُوِّ الصَّلَاحِ)

*تحرير محل الخلاف في هذه المسألة:

-اختلف الفقهاء في جواز بيع الثمار قبل بدو صلاحها مطلقا، أي من غير شرط قطع ولا تبقية على قولين:

القول الأول: لا يصح البيع:

وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة، وهو قول كذلك عند الحنفية، وهو كذلك قول الظاهرية (12).

أدلة هذا القول:

1 - الأحاديث التي نهت عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه، منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع" (13)،وحديث أنس بن مالك" أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد" (15).

-وجه الدلالة من هذه الأحاديث: نهيه صلى الله عيه وسلم عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها، والحديث م يفرق بين حالة وأخرى، والنهي يقتضي الفساد كما هو مقرر في الأصول.

2 - بيع الثمر قبل بدو صلاحه، بيع فيه غرر والغرر،وبيع الغرر قد صح النهي عنه منه صلى الله عليه وسلم (17)،لأنه يؤدي إلى التنازع و الخصومة، والشارع سد الباب الذي يؤدي إلى ذلك.

القول الثاني: يصح بيع الثمار قبل بدو صلاحها:

وهو قول الحنفية (17)،وقول عند المالكية (18).

أدلة هذا القول:

1 - قوله عليه الصلاة والسلام ((مَنْ اشْتَرَى نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ)) (19)

وجه الدلالة في هذا الحديث:

جعل النبي صلى الله عيه وسلم الثمر المؤبرُ لِلْمُشْتَرِي بِالشَّرْطِ , فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ دُخُولَهُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ اشْتِرَاطِ الْمُبْتَاعِ بِكَوْنِهِ بَدَا صَلَاحُهُ. 2 - روى الشافعي في كتابه الأم عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ {ابْتَاعَ رَجُلٌ ثَمَرَةَ حَائِطٍ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَالَجَهُ وَقَامَ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ النُّقْصَانُ , فَسَأَلَ رَبَّ الْحَائِطِ أَنْ يَضَعَ لَهُ أَوْ يُقِيلَهُ , فَحَلَفَ لَا يَفْعَلُ فَذَهَبْت بِالْمُشْتَرِي إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْت لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: يَأْبَى أَنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا , فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَبُّ الْحَائِطِ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هُوَ لَهُ} (20)

-وجه الدلالة من هذا الحديث:

َلَوْلَا صِحَّةُ الْبَيْعِ لَمْ تَتَرَتَّبْ الْإِقَالَةُ عَلَيْهِ. (21)

3 - قاعدة الحنفية التساهل في المعاملات ولذلك كانوا يقولون في قواعدهم: متى أمكن حمل العقد على الصحة لم يحمل على الفساد.

قالوا هنا: يمكن حمل العقد على ما شرط فيه القطع في الحال، فإذا باع بيعاً مطلقاً وسكت ولم يشترط فنقول العقد صحيح ونشترط عليه أن يقطعه في الحال فتصير جائزة.

سبب الخلاف في هذه المسألة:

اختلافهم في تفسير بدو الصلاح، وفي تفسير التأبير وما يعنيه.

الراجح في هذه المسألة:

يرجح لدي قول من قال بعدم جواز هذا البيع، وذلك لمالي:

1 - موافقة رأيهم لظاهر النصوص النبوية التي نهت عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها.

2 - فيما ذهبوا إليه وقاية من الوقوع في الغرر الذي نهت الشريعة عن الوقوع به، بالذات أن الغرر الذي قد يقع بسبب بيع الثمار قبل بدو صلاحها قد يكون كبيراً لا يغتفر.

3 - ما استدل به المجيزون لا يخلو من الأمور التالية:

أ-أن يكون الحديث في غير محل النزاع كما في حديثهم الأول،حيث أنه بيع للثمرة مع أصلها لا منفردة، ويجوز في التبع ما لا يجوز في الاستقلال.

ب-ضعف الحديث من حيث السند، كما في الحديث الثاني حيث أنه حديث مرسل،والحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف (22).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير