ج-أن يدخل عليه الاحتمال كما في الحديث الثاني على فرض صحته، فيسقط به الاستدلال، فهناك احتمال أن يكون الرجل قد اشترى الثمار قبل بدو الصلاح واحتمال أن يكون قد اشتراها بعد بدو الصلاح.
مسألة: خالف ابن حزم الظاهري المذاهب الأربعة في جواز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع في الحال، فقال الظاهرية (23) بعد جواز بيع الثمر قبل بدو صلاحه مهما كان الشرط، يقول ابن حزم الظاهري (23):
(َقَاسَ الشَّافِعِيُّونَ , وَالْمَالِكِيُّونَ: سَائِرَ الثِّمَارِ عَلَى النَّخْلِ , وَأَجَازُوا هُمْ , وَالْحَنَفِيُّونَ: بَيْعَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا , وَقَبْلَ أَنْ تُزْهِيَ عَلَى الْقَطْعِ أَوْ مَعَ الْأُصُولِ - وَهَذَا خِلَافُ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَإِبَاحَةُ مَا حَرَّمَ , وَمَا عَجَزَ عليه السلام قَطُّ عَنْ أَنْ يَقُولَ إلَّا عَلَى الْقَطْعِ , أَوْ مَعَ الْأُصُولِ , وَمَا قَالَهُ عليه السلام قَطُّ , فَهُوَ شَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى.)
وهذا تفصيل القولين:
القول الأول: قول الجمهور من المذاهب الأربعة (24):
يجوز بيع الثمار قبل بدو صلاحها بشر القطع.
حجتهم في ذلك:
-حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو صلاحه وتذهب عنه الآفة" (25)
وجه الدلالة من هذا الحديث:
العلة التي علل بها النبي صلى الله عيه وسلم نهيه عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها هي خوف الآفة على الثمر ومع وجود القطع فإن هذه العلة غير متحققة، والأحكام تدور مع عللها وجوداً أو عدما.
القول الثاني: وهو قول ابن حزم الظاهري، ونسبه إلى سفيان الثوري وابن أبي ليلى.
حجة هذا القول:
عموم الأدلة التي نهى فيها صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها،فهي لم تفصل ولم تفرق بين شرط القطع وعدمه.
سبب الخلاف:
نظر فقهاء المذاهب الأربعة إلى علة النهي،بينما لا يرى ابن حزم الظاهري تعليل الأحكام.
الراجح:
الراجح هو قو الجمهور لتوافقه مع أصول التشريع.
ثانياً: معرفة بدو صلاح الثمر:
1 - أهمية معرفة بدو صلاح:
تكمن أهمية معرفة بدو صلاح الثمر في أن بعض الأحكام تبنى عيه، مثل متى يصح بيع الثمر؟
2 - معرفة بدو ما يتلون لونه من الثمر:
فما يتغير لونه من الثمر كالبلح والعنب فصلاحه بابتداء تلونه،
-دليل ذلك:
حديث جابر:"نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع الثمرة حتى تشقح. فقيل: ما تشقح؟. قال تحمار وتصفار ويؤكل منها " (26)
وجه الدالة من الحديث:
أنه صلى الله عليه وسلم ربط صلاح الثمار بتغير لونها،ومعروف أن البح والعنب تظهر علامة صلاحها بتغير لونها.
3 - معرفة بدو صلاح الثمر الذي لا يتغير لونه:
كالتفاح والعنب الأبيض، وهذا يغرف صلاحه بتغير طعمه.
-دليل ذلك:
حديث جابر بن عبد الله-رضي الله عنه:" نهى (أو نهانا) رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتى يطيب" (27)
وجه الدلالة من الحديث:
لا يعرف طيب الثمر إلا من تغير طعمه.
4 - معرفة صلاح ما لا يتغير طعمه ولا لونه:
وإن وجد ثمر ا يتغير طعمه ولا لونه، فمعرفة بدو صلاحه ترجع إلى العرف،فلو بلغ مرحلة يمكن الاستفادة منه عرفاً فقد بدا صلاحه.
دليل ذلك:
الشق الأخير من حديث جابر –رضي الله عنه::"نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع الثمرة حتى تشقح. فقيل: ما تشقح؟. قال تحمار وتصفار ويؤكل منها " (26)
وجه الدلالة من الحديث:
قوله "ويؤكل منها"ومرجع ذلك إلى العرف.
هوامش البحث:
1) الإنصاف للمرداوي:5/ 68 - 69،المجموع شرح المهذب للنووي:115/ 11،رد المحتار لابن عابدين 4/ 555،شرح الخرشي5/ 185.
2) الأشباه والنظائر السيوطي: ص148/ 149
3) بداية المجتهد لابن رشد:2/ 557
4) صحيح البخاري: رقم2204
5) الأشباه والنظائر السيوطي: ص148/ 149
6) المجموع شرح المهذب للنووي:115/ 11
7) شرح منتهى الإرادات للبهوتي:2/ 84
8) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير:3/ 176
9) المجموع شرح المهذب للنووي:115/ 11
10) الفروع لابن مفلح:4/ 73
11) انظر: بدائع الصنائع للكاساني:5/ 138،المنتقى شرح الموطأ للباجي:4/ 218،مغني المحتاج للشربيني الخطيب:2/ 496،الإنصاف للمرداوي:5/ 65،المحلى لابن حزم:7/ 337.
12) انظر المراجع السابقة في نفس الموضع.
13) صحيح البخاري: رقم 2194
¥