وعند أبي حنيفة محل الهدي في الإحصار الحرم لقوله تعالى: سورة الحج الآية 33 ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وأجيب عن هذا بأن المخاطب به الآمن الذي يجد الوصول إلى البيت، فأما المحصر فخارج من قوله تعالى: سورة الحج الآية 33 ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ بدليل نحر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هديهم بالحديبية، وليست من الحرم، واحتجوا من السنة بحديث ناجية بن جندب صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ابعث معي الهدي فأنحره بالحرم قال: فكيف تصنع به؟ فقال: أخرجه في الأودية لا يقدرون عليه فأنطلق به حتى أنحره في الحرم، وأجيب بأن هذا لا يصح، وإنما ينحر
(الجزء رقم: 45، الصفحة رقم: 57)
حيث حل؛ اقتداء بفعله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية وهو الصحيح الذي رواه الأئمة ولأن الهدي تابع للمهدي والمهدي حل بموضعه فالمهدي أيضا يحل معه القرطبي ص379 المتوفى سنة 671. .
الفقه الشافعي
1 - قال الشافعي في الأم: وحيثما نحره من منى أو مكة إذا أعطاه مساكين الحرم أجزأه وقال: (ولو أن رجلا نحر هديه فمنع المساكين دفعه إليهم أو نحره بناحية ولم يخل بين المساكين وبينه حتى ينتن كان عليه أن يبدله، والنحر يوم النحر وأيام منى كلها حتى تغيب الشمس من آخر أيامها، فإذا غابت الشمس فلا نحر إلا إن كان عليه هدي واجب نحره وأعطاه مساكين الحرم قضاء) انتهى.
وقال: (وفي أي الحرم ذبحه ثم أبلغه مساكين الحرم أجزأه وإن كان ذبحه إياه في غير موضع ناس. .).
وقال: (ومتى أصابه أذى وهو يرجو أن يخلي، نحاه عنه وافتدى في موضعه كما يفتدي المحصر إذا خلي عنه في غير الحرم، وكان مخالفا لما سواه لمن قدر على الحرم، ذلك لا يجزيه إلا أن يبلغ هديه الحرم).
وقال في الإحصار بالمرض وغيره: (وإن احتاج إلى دواء عليه فيه فدية أو تنحية أذى، فعله وافتدى، ويفتدي في الحرم بأن يفعله ويبعث بهدي إلى الحرم) الأم للشافعي - رحمه الله - ج2 ص184 - 185. .
(الجزء رقم: 45، الصفحة رقم: 58)
2 - (باب أين محل هدي الصيد) قال الشافعي - رحمه الله -: قال تعالى: سورة المائدة الآية 95 هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ قال الشافعي: (فلما كان كلما أريد به هدي من ملك ابن آدم هديا كانت الأنعام كلها وكل ما أهدي فهو بمكة - والله أعلم - ولو خفي عن أحد أن هذا هكذا ما انبغى - والله أعلم - أن يخفى عليه إذا كان الصيد إذا جزي بشيء من النعم لا يجزئ فيه، إلا أن يجري بمكة، فعلم أن مكة أعظم أرض الله تعالى حرمة وأولى أن تنزه عن الدماء لولا ما عقلنا من حكم الله في أنه للمساكين الحاضرين بمكة فإذا عقلنا هذا عن الله - عز وجل - فكان جزاء الصيد الطعام لم يجز - والله أعلم - إلا بمكة.
فلو أطعم في كفارة صيد بغير مكة لم يجز عنه، وأعاد الإطعام بمكة أو بمنى فهو من مكة لأنه كحاضر الحرم، ومثل هذا كل ما وجب على محرم بوجه من الوجوه من فدية أذى أو طيب أو لبس أو غيره، لا يخالفه في شيء لأنه كله من جهة النسك، والنسك إلى الحرم ومنافعه للمساكين الحاضرين الحرم.
وقال: (ومن حضر الكعبة حين يبلغها الهدي من النعم أو الطعام من مسكين كان له أهل بها أو غريب؛ لأنهم إنما أعطوا بحضرتها وإن قل، فكان يعطي بعضهم دون بعض، أجزأه أن يعطي مساكين الغرباء دون أهل مكة، ومساكين أهل مكة دون مساكين الغرباء، وأن يخلط بينهم ولو آثر به أهل مكة لأنهم يجمعون الحضور والمقام لكان كأنه أسرى إلى القلب والله أعلم الأم ص 157 للشافعي. .
(الجزء رقم: 45، الصفحة رقم: 59)
3 - قال المصنف - رحمه الله - تعالى:
(إذا وجب على المحرم دم لأجل الإحرام كدم التمتع والقران، ودم الطيب وجزاء الصيد وجب عليه صرفه لمساكين الحرم لقوله تعالى: سورة المائدة الآية 95 هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ فإن ذبحه في الحل وأدخله الحرم، نظرت، فإن تغير وأنتن لم يجزئه؛ لأن المستحق لحم كامل غير متغير فلا يجزئه المنتن والمتغير، وإن لم يتغير ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجزئ لأن الذبح أمر مقصود به الهدي فاختص بالحرم كالتفرقة.
¥