ففي الحالة الأولى والثالثة صلاته صحيحة مجزئة، بخلاف الحالة الثانية فتلزمه الإعادة؛ لتبين أنه صلى قبل الوقت، وهو غير مخاطب بها، ولا يلزم من ذلك أن تكون صلاته باطلة، بل هي تعتبر في حقه نافلة. هذا كله في حال غلبة الظن.
وأما مع الشك، فلا تجزئه بكل حال، بل يجب عليه إعادتها مطلقا؛ لأن الأصل عدم دخول الوقت، ولأنه صلى وهو شاك في دخوله. فلو فرضنا أنه صادف دخول الوقت لم تجزئه؛ لأن العبرة في العبادات بما في ظن المكلف، لا بما في نفس الأمر. واللَّه أعلم.
وهذا فيه زيادة تفصيل
يقول الشيخ العثيمين
وأما الرسول عليه الصلاة والسلام فقد بين ذلك بياناً واضحاً صريحاً, فوقت الظهر من كذا إلى كذا، ووقت العصر من كذا إلى كذا، ووقت المغرب من كذا إلى كذا، ووقت العشاء من كذا إلى كذا، ووقت الفجر من كذا إلى كذا، مفصلاً ومبيناً غاية البيان, والأصل وجوب الصلاة في وقتها, فمن صلّى قبل الوقت ولو بتكبيرة الإحرام فصلاته نفل إن كان جاهلاً يظن أن الوقت قد دخل, وإن كان متعمداً فهو متلاعب فصلاته باطلة مردودة عليه, ولو صلّى قبل الوقت بتكبيرة الإحرام فقط,
لقاء الباب المفتوح - (113/ 15)
ومما أحفظه من قول الشافعي رحمه الله
أنه لو أذن فوقعت كلمة من الأذان قبل الوقت أعاد الأذان كله ولم يبن عليه
ثانيا بالنسبة للصيام
فهذا الذي ذكرته أيضا مرجوح والصواب خلافه
قال زين الدين بن إبراهيم بن نجيم من فقهاء الحنفية في كتابه البحر الرائق شرح كنز الدقائق
وَلَوْ رَأَوْا هِلَالَ شَعْبَانَ وَعَدُّوهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ شَرَعُوا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فَلَمَّا صَامُوا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْضُوا يَوْمًا
البحر الرائق - (6/ 174)
وانظر إلى هذا التحقيق البليغ للشيخ الشنقيطي في شرح زاد المستقنع للشنقيطي - (104/ 19)
الجواب عن حديث أسماء من أن الصحابة لم يؤمروا بقضاء
السؤال
بماذا يجيب الذين يوجبون القضاء على من أفطر ظاناً غروب الشمس على حديث أسماء رضي الله عنها، الذي جاء فيه: (أنهم أفطروا في يوم غيم ولم يؤمروا بالقضاء) أثابكم الله؟
الجواب
هذا يسميه العلماء (المسكوت عنه) فالحديث سكت: هل أمروا بالقضاء أو لم يؤمروا؟ لم يبين شيئاً، بعض العلماء الذين يقولون: لا قضاء، يقولون: لو أمروا بالقضاء لبين، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به.
وكمسلك أصولي: الحديث مسكوت، وإذا كان مسكوتاً ترجع إلى الأصل، وهذا هو الفقه: أن النص إذا جاء يدل باللفظ الصريح قبلناه، أو فيه دلالة ظاهرة قبلناه، أما إذا كان متردداً بين الأمرين فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد يسكت عن القضاء للعلم به؛ لأنه إذا تبين أنهم قد أكلوا وشربوا في النهار فإنهم لم يصوموا على الوجه المعتبر، فيسكت للعلم به بداهة، وأما كونه لم ينقل إلينا، وقد يكون أمروا ولم ينقل، لكن الحديث مسكوت عنه.
ولذلك يقول بعض العلماء: هو من رواية أسماء رضي الله عنها، والنساء قد يخفى عليهن حال الرجال، وقد يحصل في الرواية نقص، ومن هنا: يقوى القول أنه يرجع إلى الأصل، والأصل أنهم مطالبون بضمان اليوم كاملاً، والإخلال موجود، والأقوى والأحوط والأبرأ للذمة أن نأمرهم بالقضاء، ولا نستطيع أن نقول بأنه لا قضاء عليهم بأمر محتمل، فإن الأصول تقتضي أنهم مطالبون بحق الله كاملاً، وما وردت به الرخصة صريحة نرخص فيه، وما لم ترد به الرخصة صريحة واضحة فإننا نبقى على الأصل الذي يوجب القضاء.
والله تعالى أعلم.
والذي أراه أن الحكمة في هذا إنما هي بيان المشروعية، (وهو ما يوافق ما نص عليه الشيخ الهلالي رحمه الله من أنه من التوسعة على المسلمين) حتى لا يقال أن الأعمى ليس له أن يؤذن للفجر لعجزه عن تبين دخول وقته بعيني رأسه .. فهذا كان يؤذن للفجر وكانت الناس تدله على دخول الوقت ولا إشكال، والله أعلم.
لو كان الأمر لمجرد بيان المشروعية لحصل هذا مرة أو مرتين لا أن يكون هذا هو الأصل
عموما أيها الحبيب انتفعت بمشاركتك جزاك الله خيرا
ـ[أبو الفداء بن مسعود]ــــــــ[24 - 08 - 09, 09:57 ص]ـ
أحسن الله إليك، وأنا كذلك والله انتفعت مما كتبتم، ولكن يبدو لي أنكم لم تحسنوا فهم مرادي، ومن علمي بحال نفسي أقول أن النقص في ذلك مني يقينا لا منكم، بارك الله فيكم.
¥