العادة فليس بمستبعد من مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم المؤيد بالملائكة فلا يشاركه فيه من لم يكن بتلك الصفة "
وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري (2/ 246):
" وأما أذان ابن أم مكتوم فقد اختلف العلماء فى تأويله، فقال ابن حبيب: ليس معنى قوله: (أصبحت أصبحت) إفصاحًا بالصبح على معنى أن الصبح قد انفجر وظهر، ولكنه على معنى التحذير من إطلاعه والتحضير له على النداء بالأذان خيفة انفجاره، ومثل هذا قال أبو محمد الأصيلى، وأبو جعفر الداودى، وسائر المالكيين، وقالوا: معنى قوله: (أصبحت أصبحت)، قارب الصباح كما قال تعالى: (فإذا بلغن أجلهن) [البقرة: 234]، يريد إذا قارب ذلك؛ لأنه إذا انقضى أجلها وتمت عدتها فلا سبيل لزوجها إلى مراجعتها وقد انقضت عدتها، قالوا: ولو كان أذان ابن أم مكتوم بعد الفجر لم يجز أن يؤمر بالأكل إلى وقت أذانه؛ للإجماع أن الصيام واجب من أول الفجر. وأما مذهب البخارى فى هذا الحديث على ما ترجم به فى هذا"
انتهى.
قولك:
فأنا سويت بين كليل البصر وبين حديده
فهذا يدرك الفجر بعد دخوله بمدة والآخر يدركه قبل وقته قلت فكيف يكون هذا من التسوية بينهما يا رعاك الله؟ أنت نصصت فيما تقدم من كلامك على أن الأعمى ليس يرد عليه احتمال أن يدركه قبل وقته وأن هذا هو وجه الحكمة في جعل المؤذن في هذا الموضع أعمى .. فهل فهمتُ أنا من كلامك خلاف ما تريد؟
أما قولكم
لو كان الأمر لمجرد بيان المشروعية لحصل هذا مرة أو مرتين لا أن يكون هذا هو الأصل
قلت هذا يؤكد قولي بأنك ترى استحباب اتخاذ المؤذن الأعمى لصلاة الفجر، وأن ما ألزمتك به من ذلك = لازم لك لا محالة، فتأمل بارك الله فيك!
فأنت تستدل بكونه الأصل على أنه أفضل من خلافه، وإلا فكيف أفهم قولك هذا؟؟
لم يقل أحد من أهل العلم ولا الشراح بأن الأصل في مؤذن الفجر أن يكون رجلا أعمى! بل كلهم نص على أنه لبيان المشروعية .. ولو كان الأمر كما تقول لفطن إليه السابقون من السلف والأئمة الأعلام ولكن لم يقل به أحد!!
ولعلي أضيف - كما تقدم ذكره - أن الحكمة من هذا ليست قاصرة على بيان مشروعية اتخاذ المؤذن الأعمى وحسب، وإنما على بيان مشروعية أن يتخذ المؤذن وكيلا له يترصد ويترقب ظهور الفجر الصادق ثم يسارع إلى إبلاغه به عند تبينه، حتى يؤذن للناس، وهذا من التيسير على المسلمين ولا شك، والله أعلى وأعلم.
والله أعلى وأعلم بالصواب.
ـ[أبو الإمام معاذ]ــــــــ[24 - 08 - 09, 11:38 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ / أبو القاسم المصري
الأخ / ابو الفداء بن مسعود
جزاكما الله خيراً فقد استفدت وتعلمت الكثير في نقاشكما
أسأل الله أن يجمعكما وإيانا في الفردوس الأعلى على سرر متقابلين
ـ[أبو القاسم المصري]ــــــــ[24 - 08 - 09, 03:58 م]ـ
الأخ الكريم أبو الامام معاذ
وأنت جزاك الله خيرا كثيرا وأحسن الله إليك
الأخ أبو الفداء بن مسعود
يبدو أنك كريم الأصل استمعت إلينا وأفدتنا جزيت خيرا
لكن التعقيب الأخير لي
أنني أبدا ما ذكرت استحباب اتخاذ مؤذنا أعمى لأذان الفجر خاصة وما جاء في كلامي على كثرته ذكر ذلك
وإنما كل الأمر يدور حول ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وهو المؤيد بالوحي
من جعل ابن أم مكتوم الأعمى يؤذن للفجر الصادق وجعل بلال يؤذن بليل
وقدعنونت للموضوع بقولي من الأولى بالأذان الصادق بلال أم ابن أم مكتوم
فكل مافي الأمر توجيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم والتماس ما فيه من هدي
وقد قلت أولا أن هذا الإشكال قد عرض لي فلم أجد عنه جوابا تستريح إليه النفس فلما استخرت الله في ذلك فتح لي بما ذكرته فإن كان خيرا فمن الله وإلا فمن نفسي والشيطان
أسأل الله أن ينفع الجميع
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[25 - 08 - 09, 01:15 ص]ـ
وحتى يتبين أخونا الحبيب المفضال أن الإشكال ههنا ليس بالهين، وأن الراجح عند التأمل أن ابن أم مكتوم لم يكن يؤذن إلا على أول بزوغ الفجر
الأخ الحبيب، ما ذكرته فيه نظر ...
صح في صحيح البخاري أن عائشة قالت: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة.
أي يؤذن بلال وبعده ابن أم مكتوم، فكانت صلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد بلال قبل أذان ابن أم مكتوم، إذا تبين الفجر للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى ركعتي الفجر، ولم يتوقف على أذان ابن أم مكتوم، فإن ابن أم مكتوم كان يسفر بأذان الفجر، ولا يؤذن حتى يقال له: أصبحت. وقد روي في حديث انيسة، انهم كانوا يامرونه أن يؤخر الأذان حتى يكملوا السحور.
وانظر ما صح عن الصحابة يذهب الإشكال إن شاء الله:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=148554
¥