أنا أعتقد أن الأستاذ الذي سيعقد الآن العقد النظامي؛ لأن العقد الشرعي في ظني قد حصل كما يقال اليوم أوتوماتكيا حيث عرف الخاطب والمخطوبة وولي أمرها؛ ولكن من الأعراف أن اي عقد لا يتحقق باللسان زوجتك أنحكتك وما شابه مثل هـ?ذه الكلمات، وهـ?ذا ليس شرطا في الشرع، لا سيما ومن الحكم العلمية المتداولة بين العلماء قولهم: لسان الحال أنطق من لسان المقال.
ولكن من باب اتباع السنة فلابد بين يدي العقد التي قد يحوج العاقد الوضع أحيانا أن يصرح بالعقد بين فلان وفلانة وبإذن الولي؛ لكن بين يدي ذلك لابد من تقديم خطبة الحاجة السابقة الذكر، ولو بأخصر عبارة (إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونسعتفره ونعوذ بالهج من شرور أنفسنا ... عبده ورسوله) هـ?ذا القدر لابد منه بين يدي أي عقد.
ثم بعد ذلك يستوضح إذا كان هناك حاجة للاستيضاح ويسجل، وهـ?ذا التسجيل لا نرى نحن مانعا إذا كان أيضا في حدود الشّرع وبعد تقديم خطبة الحاجة.
أما في هـ?ذا الجمع المبارك إن شاء الله فقد وقعت هـ?ذه الخطبة أكثر من مرة، فأنا أقول الأستاذ هنا يعرفها إن شاء الله وسيلتزمها كلما كلف بعقد كهذا العقد إن شاء الله.
أحد الحضور: يعني الآن هل نستطيع أن نقول الآن: هل عُقد العقد الشرعي؟
الشيخ الألباني: أنا أعتقد هـ?ذا، وباعتباره موظفا شرعيا نسأله عن قناعته، ونستفيد منها، هل بقي شيئا خاف مثلا بالنسبة للنظام.
عزت: بارك الله فيك يا شيخ، نحن عادة نبين للناس أن هـ?ذا العقد ليس عقد شرعي، إنما العقد الشرعي هو طلب لَمّا تتوجه الجاهة –مثلا- تطلب البنت وتتم الموافقة، فالإيجاب والقبول هـ?ذا هو العقد الشرعي، أما هـ?ذا الذي نكتبه ليس العقد الشرعي إنما من أجل حفظ الحقوق عند الحكومة وتسجيله في الأحوال المدنية أو ما شابه ذلك.
الشيخ الألباني: هو كذلك ولكن في اعتقادي ليس كل عقد نظامي يكون قد سبقه عادة العقد الشرعي، ولذلك فلابد في ظني -والله أعلم- من مزج العقد الشرعي بالعقد النظامي وتقديم العقد الشرعي على العقد النظامي.
عزت: أحيانا يا شيخ لما ذهب في عقد نعقد عقد زواج، أحيانا نسأل الحضور: طلبتم أنتم البنت واتفقتم على المهر أو لا؟ يكونوا عملوا الجاهة في الأول، وأحيانا نذهب مع الجاهة، ويتم الطلب أمامنا والإيجاب والقبول.
الشيخ الألباني: لكن ما تكون قدمت الخطبة هـ?ذه أمام الخطبة أو العقد؟
عزت: الخطبة أقدمها عادة أنا.
الشيخ الألباني: هـ?ذا هو، هـ?ذا الذي أجبت أنه لا يخفاك إن شاء الله.
أحد طلبة العلم: منكم نستفيد، لما نذهب مع جاهة في مثل هـ?ذا الأمر الذي الآن حدث، فبعد ما قدم خطبة الحاجة ونذكر في الزواج وبننصح الشباب بالزواج، وبعدها يطلب ولي الأمر مثل الوالد أو العم، يقول: أطلب قربكم أو طلب بنتكم لأبني فيقول: ولي أمر البنت: أنا أعطيتك، بعد هـ?ذه المقولة نكون نحن هـ?ذا العقد شرعي، أحيانا يقول: أنا لا أريد عقد شرعي هـ?ذه عطية خطبة. العقد الشرعي لازم يتلفظ أنا عطيتك والولد يتلفظ أنا رضيت والبت توافق، فيصير هـ?ذا عقد شرعي، أما هـ?ذا فهو خطبة لا تعتبر عقد شرعي، فنحن الآن حتى نثبت ونكون على بينة حتى لا يقع الناس في الحرام، نكون نحن عقدنا العقد الشرعي وهم يعتمدون على أنفسهم خطبة ويحلوا ويربطوا، فبماذا تنصحنا؟
الشيخ الألباني: بارك الله فيك، أنا أجبت عن هـ?ذا فيما سبق من البيان، أنا أقول: العقد قلت آنفا: لسان الحال أنطق من لسان المقال.
كما هو الوضع الآن فقد عرف الخاطب والمخطوبة ولي أمرها، وأنّ هناك الرضا قائم بين جميع الأطراف، فهـ?ذا العقد وقع وتحقق ولاشك فيه؛ ولكن أحيانا إذا كان ليس هناك الوضوح بلسان الحال فلابد من التعبير عن هـ?ذا الواقع.
المسألة فيها خلاف بين الفقهاء في العقود بعامة -ومنها عقد النكاح- هل يشترط فيها الإيجاب والقبول؟ فهنا مذهبان للفقهاء:
المذهب الشافعي يقول: لابد من الإيجاب والقبول حتى يصح العقد، وليس فقط عقد النكاح؛ بل حتى عقد البيع، أي عقد لابد من تحقق الإيجاب والقبول.
المذهب الحنفي يقول: يكفي المعاطاة، وهـ?ذا هو الحق الذي لا ريب فيه لأننا لا نعلم في السّنّة المعلومة في الكتب الصحيحة والآثار السلفية لا نعلم بأن السّلف الصالح كانوا يلتزمون في كل عقد لهم ما يسمى بالإيجاب والقبول، خاصة فيما يتعلق بالبيع والشراء.
ولذلك فالقول بالإيجاب والقبول يلزم منه أولا إيقاع الناس في شيء من الحرج هم ليسوا في حاجة إلى مثله، وما جعل عليكم في الدين من حرج.
ثانيا عند من يشترط الإيجاب والقبول كثير من المعاملات القائمة اليوم لا تصح وتكون حينئذ معاملاتهم باطلة.
يعني مثلا ليوم من النظم الماشية ركوب الباص، يركب الراكب الباص ويلقي الأجرة في الصندوق المخصص، هـ?ذا لا يصح بالنسبة لمن يقول بالإيجاب والقبول، وإذا وسعنا الدائرة بالنسبة لما نسمع في بعض البلاد يلقي ثمن الحاجة أيضا في الصندوق ويأخذها وينطلق بها دون أي مكالمة مع صاحب المحل، هـ?ذا ليس فيه إيجاب وقبول، وبالتالي هـ?ذا الشراء ليس شراءً شرعيا.
فإذا عرفنا بأن اشتراط الإيجاب والقبول لم يأت في الشّرع ما يلزمنا به أولا.
وعرفنا أن هـ?ذا يوجد مشاكل بين معاملات الناس بعضهم على بعض ثانيا.
عرفنا أن الأمر أوسع من إيجاب الإيجاب والقبول؛ لكن قلت في بعض الظروف إذا كان الأمر غير واضح كما قلنا آنفا لسان الحال أنطق من لسان المقال ما فيه مانع التصريح وبيان هـ?ذا الواقع.
أما اعتبار هـ?ذا القبول الذي وقع وذكرت أن هـ?ذا في عرف بعض الناس لا يعتبر عقدا، فما هو العقد!!
الرسول - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ- يقول: ((لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل))، فإذا كان الولي وافق على هـ?ذه الخطبة، والشاهدان شهدا على هـ?ذا الواقع، فما بالك إذا كان هناك شهود كهـ?ذا الحشد الموجود الآن العقد وقع سواء جرى الإيجاب والقبول بلسان وبهذا اللفظ: قبلت، رضيت .. إلى آخره، أو لم يقع شيء من ذلك، المعاطاة كما قلنا آنفا عن الحنفية يكفي في ذلك. هـ?ذا الذي ندين الله به.
¥