تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو الطيب الروبي]ــــــــ[06 - 08 - 09, 11:07 ص]ـ

2 - من يتولى بعث الحكمين:

اختلف الفقهاء والمفسرون فيمن يتولي بعث الحكمين، ومرد ذلك هو اختلافهم في فهم المراد بالخطاب في قوله تعالى" فإن خفتم" في الآية الكريمة؛ وتحصيل اختلافهم في المخاطب بذلك أربعة أقوال:

القول الأول:

أن الخطاب موجه للحكام، ومن يتولى الفصل بين الناس. وهذا قول الجمهور؛ لأن من مهمة الحكام ملاحظة أحوال العامة والاجتهاد في إصلاح أحوالهم.

قال القرطبي: "والجمهور من العلماء على أن المخاطب بقوله: (وإن خفتم) الحكام والامراء" (1)

القول الثاني:

أن الخطاب للأولياء إذا كان الزوجان محجورين. لأنهم الذين يلون أمر الناس في العقود والفسوخ، ولهم نصب الحكمين.

نقله القاضي أبو بكر بن العربي عن مالك، وصححه. (2)

القول الثالث:

أن الخطاب لعموم المؤمنين لأن قوله تعالى فابعثوا خطاب الجمع وليس حمله على البعض أولى من حمله على البقية فوجب حمله على الكل، فعلى هذا يجب أن يكون أمراً لآحاد الأمة سواء وجد الإمام أو لم يوجد فللصالحين أن يبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها , وأيضاً فهذا يجري مجرى دفع الضرر فلكل واحد أن يقوم به. (3)

.

القول الرابع:

أن الخطاب للزوجين. وهو قول الحسن و السدي.

قال السدي: يخاطب الرجل والمرأة إذا ضربها فشاقته، تقول المرأة لحكمها: قد وليتك أمري وحالي كذا ; ويبعث الرجل حكما من أهله ويقول له: حالي كذا"

وقد ضعّف هذا القولَ ابنُ العربي قائلا:

" فأما من قال: إن المخاطب الزوجان فلا يفهم كتاب الله "

وقال أبو حيان:

" إذ لو كان خطاباً للأزواج لقال: وإن خافا شقاق بينهما فليبعثا، أو لقال: فإن خفتم شقاق بينكم " (4)

الترجيح:

ما ذهب غليه الجمهور هو الراجح؛ لأن ظاهر الآية الكريمة يرجح أن الخطاب الإلهي موجه إلى الحكام أو القضاة، حيث إن الحاكم أو القاضي هو الناظر بين الزوجين، والمانع من التعدي والظلم، والحكام والقضاة بإمكانهم إزالة الشقاق بما يرونه ملائما ومناسبا، وإلزام الزوجين به، نظرا لما خول إليهم من سلطة.


1 - تفسير الطبري - (8/ 320)، تفسير القرطبي - (ج 5 / ص 175)، تفسير أبي السعود - (2/ 174)، النكت والعيون ـ. - (1/ 484)، تفسير المنار - (5/ 64)
2 - أحكام القرآن لابن العربي - (2/ 301)، تفسير البحر المحيط ـ- (3/ 228)
3 - تفسير الخازن ـ. - (1/ 521)، تفسير الرازي (1/ 1444)
4 - تفسير البحر المحيط ـ. (الكتب العلمية) - (3/ 253)، أحكام القرآن لابن العربي - (2/ 539)
النكت والعيون ـ. - (1/ 484)

ـ[أبو الطيب الروبي]ــــــــ[22 - 09 - 09, 06:19 م]ـ
3 - شروط الحكمين:
إن أهمية دور الحكمين جعلت فقهاء الإسلام يشترطون شروطا خاصة فيمن يترشح لمهمة الحكم الذي يعينه القاضي، حيث لابد أن تتوفر فيهما الأهلية والكفاءة، والأخلاق العالية وملكة الحوار والإقناع، لا أن تسند لكل من هب ودب وحتى لا يعتري حكمهما حيف أو ظلم، ولا ينزلقا في مسالك العاطفة:

وقد اتفق الفقهاء على بعض الشروط، واختلفوا في بعضها الآخر، بحسب اختلاف أنظارهم وقواعدهم الأصولية التي يبنون عليها أحكامهم الجزئية.
وهذا بيان هذه الشروط:

أولا: الشروط المتفق عليها:
1 - العقل، فلا يجوز تحكيم المجنون.
2 - البلوغ، فلا يجوز تحكيم الصغير والسفيه.
2 - الإسلام، فلا يحكم غير المسلم في المسلم، لما فيه من الاستعلاء عليه.
وهذه نصوص الفقهاء في هذا الصدد، مع العلم أن فقهاء الحنفية لا يتعرضون لشروط الحكمين كما يتعرض لها غيرهم من الفقهاء، حيث إنهم لا يرون في الحكمين إلا شاهدين ووكيلين عن الزوجين – على ما سيأتي تفصيله-، وإنما يؤخذ ذلك من كلامهم في شروط الوكالة على العموم.

جاء عند المالكية في شروط الحكم أنه:" ليس بنصراني ولا بعبد ولا صبي ولا امرأة ولا سفيه"
المدونة - (6/ 261)
وعند الشافعية: " ويشترط فيهما إسلام وحرية وعدالة واهتداء إلى المقصود من بعثهما له"
الإقناع - (2/ 96)

وعند الحنابلة " فإن الحكمين لا يكونان إلا عاقلين بالغين عدلين مسلمين" لأن هذه من شروط العدالة سواء قلناهما حاكمان أو وكيلان "
المغني - (8/ 167)
شرح منتهى الإرادات - (3/ 55

وعند الحنفية في شروط الوكالة عموما:
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير