تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" حكى لنا أبو علي عن ابن الأعرابي، أظنه قال: يقال: درهمت الخبازي، أي صارت كالدرهم. فاشتق من الدرهم، وهو اسم أعجمي. وحكى أبو زيد: رجل مدرهم، قالوا: ولم يقولوا منه درهم، إلا انه إذا جاء اسم المفعول فالفعل نفسه حاصل في الكف. ولهذا أشباه ... " ثم قال في ص 367 بعد ذلك من الفصل نفسه كلاما نفيسا منه: " ليس كل ما يجوز في القياس يخرج به سماع فإذا حذا إنسان على مثلهم، وأم مذهبهم لم يجب عليه أن يورد في ذلك سماعا، ولا أن يرويه رواية ... " وله فصل آخر عنوانه: " فصل في اللغة المأخوذة قياسا " ص 439 ج 1 يؤيد ما سبق. وكذلك جاء في الجزء نفسه ص 127 في باب تعارض السماع والقياس ما نصه الحرفي:

" إذا ثبت أمر المصدر الذي هو الأصل لم يتخالج شك في الفعل الذي هو الفرع قال لي أبو علي بالشام: إذا صحت الصفة فالفعل في الكف، وإذا كان هذا حكم الصفة كان في المصدر أجدر، لأن المصدر أشد ملابسة للفعل من الصفة، ألا ترى أن في الصفة نحو مررت بإبل مائة، وبرجل أبي عشرة أهلة ... ".

(2) راجع تارج العروس مادة: دان، صان.

/ صفحه 285/

ثوب مصوون ... وقد قرر ابن جني (1) وغيره (أن الناطق على قياس لغة من اللغات مصيب غير مخطئ).

* * *

كيفما دار الأمر في القياسي والسماعي فالأخذ فيه برأي القدامى مرهق معوق بل مضلل يقف سدا بين اللغة والانتفاع بها على خير الوجوه وعلى حسب مقتضيات الأزمان. والرأي السديد ـ فيما أقدر ـ هو أن نجيل الفكر في الأنواع الأربعة التي عرضها ابن جني فنرى نوعين منها ليسا موضع اختلاف وإنما هما موضع الاتفاق التام بينه وبيننا وأعنى بهما النوع المطرد في القياس والاستعمال والنوع المخالف للقياس والاستعمال؛ حيث يجوز محاكاة الأول واستعماله، وتمتنع محاكاة الثاني، واستعماله كذلك. بقي النوعان الآخران، وفيهما يقع الخلف بيننا وبينه، وفي تهذيبهما وحسن التصرف فيهما توسعة وتجديدٌ وتيسير يفيد اللغة وطلابها، ولا يجر في أذياله ضرراً ولا إساءة:

أ ـ فأما النوع المطرد قياساً لا استعمالا فنذهب فيه مذهب أشباهه ونرده إليها سواء أكان العرب قد سبقونا للرد أم لم يسبقوا فنقول: أبقلت الأرض فهي مبقل ومبقلة. ونقول ودعت اللص للشرطي ووذرته بمعنى تركته، لا نسأل أقال العرب ذلك ام يقولوا ما دام النمط العربي يقضي بأن اسم الفاعل من غير الثلاثي على وزن المضارع مع إبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وكسر الآخر ونزيد آخره التاء للتأنيث ما دامت هذه التاء تزاد آخر المشتقات إلا ما استثنى منها، وليس من المستثنيات " مبقل " وأشباهها، ونأتي بالماضي للفعلين يدع ويذر جريا على نظائرها في النط العربي أيضاً، وبهذا نستريح راحة مزدوجة:

1 ـ إذ لا نكلف أنفسنا عناء الأقاويل، والآراء الكثيرة ا لتي يؤيد بعضها وجود تلك الأشياء الناقصة قبلاً، ويمنعها بعض آخر، ويحكم عليها ثالث بأنها ماتت ثم يبرز الخلاف مرة أخرى حول اللفظ الميت: أيجوز استعماله أم لا يجوز؟ أكان لغة فرد أم لغة قبيلة؟ … ‍! …! …؟

ــــــــــ

(1) الخصائص ج 1 ص 10؛ وما بعدها.

/ صفحه 286/

2 ـ ونستريح من مساءلة المراجع اللغوية عن اللفظ الشائع قياساً لا استعمالا أهو مما نطق به العرب فنقتصر فيه على نطقهم فنحتمل في سبيل البحث والمراجعة عناء كبيراً من غير حاجة ماسة. فمثل " مبقل " ومثل وذر وودع لم نعدل عنهما إلا بعد تعليم وتلقين طويلين، أو بعد رجوع شاق إلى المصادر الوثيقة؛ وكل هذا جهد ضائع في وقت أفقر الناس فيه إلى إنفاقه في الانتفاع باللغة واستخدامها على خير الوجوه. على انه لا مانع في هذا النوع الذي نحن بصدده من استعمال اللفظ المسموع ذاته كما ننتفع بالمقيس؛ فتزداد الفرجة، ويتسع المجال أمام المتكلم والقارئ من غيره أن يكلفهما هذا مشقة جديدة وذلك بشرط أن يكون المسموع المخالف للقياس لفظاً كاملا فلا تكون المخالفة واقعة على حركات الحروف وضبطها من الوجهة الإعرابية أو على حذف حرف أو زيادته في الإعراب فإن هذه المخالفة واهية ولكن الأخذ بها ضار يبعث على الفوضي والاضطراب في بناء هيكل الكلمة وفي ضبط حروفها وهذا مصدر بلاء عظيم في التعبير يجب الفرار منه فإذا راينا جمع مؤنث منصوباً بالفتحة، أو اسما من الأسماء الخمسة مرفوعا بالألف، أو خبراً لإن منصوباً، لم نتردد في نبذه وعدم التفكير في محاكاته كي لا نفتح باب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير