تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

البلبلة الذي نسعى لسده ... وكذلك أمثال هذا؛ فحقه ألا نعبأ به وألاَّ نلتفت إليه ...

ب ـ وأما النوع المطرد في الاستعمال دون القياس فلا مانع من اتخاذه مقيساً ترد إليه نظائره، ويقاس عليه غيره مما لم ينطق به العرب. ولا مانع كذلك من الرجوع إلى المقيس الأصلي. فإذا اردنا ان نصوغ استفعل من باع فلنا أن نقول: استباع (تطبيقاً للمقيس عليه الأصلي) ولنا أن نقول استبيع كاستحوذ، واستصوب كما يجري على ألسنة الناس بفطرتهم تطبيقاً على المطرد في الاستعمال دون القياس ومثل هذا استفعل من دان فنقول. استدان أو استدين ... وهكذا ... وبديه أننا لا نبيح تحويل الأمثلة العربية القياسية إلى النوع الشائع استعمالا لا قياسا فلا يسوغ ان نقول في استحوذ: استحاذ، ولا في استصوب: استصاب ... ولعل فيما قدمنا مقنع وكفاية.

/ صفحه 379/

... صريح الرأي في النحو العربي

داؤهُ ودَواؤه

للأستاذ عباس حسن

أستاذ اللغة العربية في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة

ـ 7 ـ

... ومشكلة أخرى واضحة الأثر في تعقيد النحو، وإفساد الأساليب البيانية الناصعة؛ فلم يكن خطرها مقصوراً على المسائل النحوية البحتة؛ بل تجاوزها إلى التحكم الضار في فنون القول الأدبي الرائع. وأعني بها مشكلة: " العامل " فقد استقر في رأي العلماء النحاة أن الحركات الإعرابية وما يتصل بها إنما هي أثر لمؤثر أوْجدَهَا، ولا يتصور العقل وجودها بغيره. متأثرين في هذا بما تقرر في العقائد، الدينية، ومجادلات علم الكلام؛ من أن لكل حادث محدثا، ولكل موجود موجداً. ولا يصح في الذهن مخلوق بغير خالق، ولا مصنوع بغير صانع، كما لا يصح أن يكون للأثر الواحد مؤثرين معاً في وقت واحد، ولا للمعمول الواحد عاملين كذلك. قاعدة مطردة. وحكم عقلي لا استثناء فيه. وما دام الأمر كذلك فرفع آخر الكلمة حيناً أو نصبها أو جرها أو جزمها ... وانتقالها من الرفع إلى النصب أو غيره ... كل أولئك حوادث لابد لها من محدث، ولا يوجد واحد منها بغير موجدٍ؛ إذا يستحيل أن يستقل المخلقو بخلق نفسه؛ كما يستحيل أن يقوم المعدوم بإيجاد نفسه، ومنحها الحياة وهو فاقدها فقداناً أصيلا. وإذاً ما الذي أوجد الرعف والنصب وغيرهما ... في الكلمات؟ لابد م موجد قياساً على ما مضى.

ولا خلاف عندهم ولا عند غيرهم في ذلك، إنما الخلاف في كنه ذلك الموجد، وحقيقة ذلك العامل الذي يعمل الرفع أو النصب أو الجر أو الجزم ... ويصنع ذلك؛ أهو المتكلم الذي يتصرف في الكلمات كما يهوى، أم هو صانع آخر ظاهر

/ صفحه 380/

أو غير ظاهر يجلب الحركات المختلفة باختلاف التعبيرات ووجوه الكلام؟ فإذا قلنا: الشمس نافعةٌ، كانت الشمس نافعةً، إن الشمس نافعةٌ، يتمتع الناس بالشمس النافعة ... فما الموجد الذي أوجد الضمة أو الفتحة أو الكسرة في الكلمات السابقة فجعل أواخرها مرفوعة حينا، منصوبة أو مجرورة حيناً آخر، وقد ينقل إحداها من الرفع أو من النصف أو من الجر إلى غير؟ ما الذي فعل هذا وان له القدرة على إيجاده وخلقه؟ وإن شئت فقل: ما العامل الذي عمل هذا وانفرد به؟ انه المتكلم في رأى القلة النحوية المغلوبة (كابن مضاء الأندلسي) وإنه العامل اللفظي أو غير اللفظي في رأي الكثرة العالبة من النحاة؛ فرفع الكلمات السابقة أو جرها أو نصبها ليس إلا أثراً للمتكلم وحده؛ هو الذي عمله، واجتلبه، وأبقاه، أو غيره عند أصحاب الرأي الأول، وهو عند أصحاب الرأي الثاني أثر للعامل اللفظي إن وجد، (مثل: " كان " فإنها رفعت الشمس ونصبت نافعة، ومثل: " إنّ " فإنها نصبت الشمس ورفعت نافة، ومثل: " الباء " فإنها جرت الشمس ـ كل ذلك في الأمثلة السالفة) وإن لم يوجد العامل اللفظي ظاهراً بين الألفاظ، فليس معنى ذلك أنه غير موجود ألبتة، بل قد يكون مستترا (كأن ا لمضمرة وجوبا) وقد يكون محذوفا (كعامل الإغراء والتحذير) سواء أكان الحذف وجوبا أم جوازا. فإن لم يوجد العامل اللفظي مطلقا فليس معنى ذلك أنه لا وجود للعامل ـ لاستحالة وجود أثر بغير مؤثر كما قلنا ـ وإنما معناه أنه معنوي لا يمت في كيانه بصلة إلى الكلمات والألفاظ، ولا يتكون من شئ منها. ومن ثم لا مادة محسة له، ولا ينطق به ولا يظهر أو يقدر في الكلام، كرفع كلمة الشمس (وهي مبتدأ) بالابتداء، وكرفع " يتمتع " (وهي فعل مضارع) بالتجرد من الناصب والجازم ... فالابتداء أو التجرد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير