تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقبل أن أنقلها أشير إلى حقيقة معروفة ;هى: أن علوم اللغة العربية على اختلاف فروعها،وتعدد أنواعها -مستقاة من الكلام العربى الأصيل،ومَرَدها جميعاً إلى ما نطق به الفصحاء من أهل «الضاد» الذين يستشهد بكلامهم،ويحتج بلسانهم،فإذا نطقنا باللفظ المفرد أو المركب وصُغْنا الأسلوب صياغة خاصة،وجرينا في تأليفه على نظام معيّن -فلا تعليل لذلك إلا محاكاة العرب والنَّسْج ِعلى منوالهم ولا شى ء غير هذا.ولو أن سائلا سألنى: لم بَنيَت الكلمة على ثلاث أو أكثر؟ ولم ضبطت حروَفها بضبط خاص؟ ولم جَرَيْتَ في تركيب الأسلوب على نظام معين؟ ولم .... ؟ ولم .... ؟ ماكان الجواب إلا واحداً; هو: أنى في هذا المقام أحاكى ما فعله العرب في مثله،وأنقل عنهم طريقتهم،وآخذ من مادتهم ووسائل استخدامها مثل ما كانوا يأخذون.وكذلك جواب كل فرد ;فالكلكات التي ننطق بها اليوم من حيث مادة تكوينها ومن حيث مظاهر هيئاتها بوضعها في الجملة وبضبط

/ صفحه 50 /

حروفها إنما نخضع في شأنها للمأثور عن العرب وحده وليس ما نخضع له طائعين أو مرغمين إلا ذلك المأثور،وكل إجابة غير هذه فضول،وهزل،لا صواب فيه ولا جدّ، ولا أمانة.لم رفعت أواخر الكلمات؟ لم نصبت أو جرّت أو جزمت؟ لم كانت على وزن فَعل .. أو فَاعَل َ ... أو .... أو .. لم تقدمت في أسلوبها أو تأخرت؟ لم ذُكرْت أو حُذمت؟ لم كان هذا التعبير أبلغ وأقوى من ذاك؟ لم كان هذا أرق وأعذب؟ ... لم ... لم ... ؟ لا شىء إلامجاراة العرب الفصحاء،والأخذ بمنهاجهم فيما نحن بصدده مع التصرف المحمود في حدود ذلك المنهاج،والتزام أصوله العامة بحيث نوائم بينه وبين حرية التصرف المأمونة.وإذا كان الأمر على ما وصفنا فما هذه العلل والتعليلات المرهقة التي تطفح بها المراجع النحوية،وتضيق بها صدر المتعلمين وأوقاتهم ممن كتب الله عليهم الرجوع إلى تلك المطولات ;لاستخلاص بعض القواعد النحوية؟ إن النظرة الْعَجَلى الصائبة لتحكم من غير تردد بأن جميع هذه العلل والتعليلات زائفة لا تَمُت ُّ إلى العقل والواقع بصلة ما،ولو كانت واهية.وإن احترام ذلك العقل يفرض علينا أن ننبذها ونطهر النحو منها اللهم إلا ذلك النحو الصحيص الصادق الذي يسمونه: «علل التْنظير» يريدون به ما أشرنا إليه قَبْلاً حين ترفع آخر كلمة أو تنصبه أو تجره أو تجزمه وحين تجعل الكلمة على وزان معين،وتسلك بها في التركيب مسلكا خاصا.لم رفعتها؟ لأنهانظير زميلتها في الكلام العرب.ولم نصبتها أو جررتها أو جزمتها؟ لسبب السالف.ولم جعلتها على وزن كذا؟ ولم قدمتها أو أخرتها؟ لم استخدمتها إداة استفهام أو حصر أو نفى أو مدح أو ... ؟ ... ؟ لأنّ نظريتها في كلام العرب كذلك.وإن شئت فقل لمن سألك:لم رفعت الفاعل والمبتدأ ... ونصبت المفاعيل وأتبعت التوابع لأصحابها (المتبوعة) وجريت في المستثنى على كذا وفي اسم لاوالنواسخ .. وغيرها على كذا؟ لم أفعل ْذلك لشى ء إلا لأنها نظيرة أخرى في كلام العرب جرت على هذا النمط الذي أسايره ولا علة إلا التنْظير. (أى قياس الشى ء على نظيره).

/ صفحه 51 /

فالنظير العربىّ هو الأصل الذي نتمثله دائما في كل ما يتصل باللغة كلاماً، وكتابة،وإليه المفزع حين نريد التعيبر،هو القالب الذي نشكل ما نريد على مثاله وحده،وفيه -دون غيره - نصوع كلامنا على كلامهم،إقراراًوتركيباً، وهيئة. والآن أعود إلى سرد بعض الأمثلة لتكون دليلا صارخا على ماأصاب النحو من بلاء التعليل سأقتصر في اختيارها على الجزء الأول من كتاب الأشمونى.حاشية الصبان،ومن شاء استزادة فعليه بكتاب سرّ الصناعة لابن جنى فإنه من فرسان هذا الميدان المجلين فيه،أو كالإنصاف لابن الأنبارى،أو أشباههما:جاء في باب واحد منه: هو: باب المعرب والمبنى مايلى من التعليلات ومن البدائة المكررة أنها تعليلات خاطئة قطعا وأن العلة الحقة هى أن العربى نطق هكذا،وأنها هكذا خلقت ليس غير.قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير