الحطب الجزل من كلام «الصبان» عليها.ولننظر أثرهاالعمَلىّ في الأساليب والاستعمالات ومدى تحكمها فيها واستبدادها بها.فلقد كان من أثر هذه التعليلات اللفظية أنْ حَرَّمت جمهرة النحاة إتباع جملة «نعم وبئس» بنعت واختلفت في اتباعها بباقى التوابع.ولم يكن سندهم في التحريم والمنع هو السند الذي قد يقبله العقل ويؤيده الواقع ;وأعنى به:موافقة الكلام العربى الأصيل،والمأثور من الأساليب الصحيصة الخالصة ;فلو أنهم اعتمدوا في الحْظر على هذا السبب -سبب المخالفة للوارد من الْمُثُل المصطفاة العربية - لحمدنا الرأى،وعملنا به.ولكنهم حرّموا وحَظروا لأن الإباحة تخالفْ تعليلاتهم وتتعارض مع أدلتهم الجدلية السابقة لا مع الواقع المنقول إلينا من كلام العرب السابقين.استمع إلى رأيهم في ذلك كما دونه الأشمونى وحاشيته (وقد دونتها جهة اليمين أحياناً):
(لا يجوز اتباع فاعل نعم وبئس بتوكيد معنوى (1) قال في شرح التسهيل باتفاق وأما التوكيد اللفظى فلا يمتنع وأما النعت فمنعه الجمهور (2) وأجازه أبو الفتح في قوله:
لعمرى وما عمرى على بهين ... لبئس الفتى المدعو بالليل حاتم
قال في شرح النسهيل وأما العنت فلا ينبغى أن يمنع على الإطلاق بل يمتنع إذا قصد به التخصيص مع إقامة الفاعل مقام الجنس لأن تخصيصه حينئذ مناف
(1) قوله: (بتوكيد معنوى) ليس المقام مقام تحقيق الاحاطة بالجنس فلا يشذ منه أحد حتى يؤتى بكل،ولا رفع احتمال إرادة جنس آخر ملابس للجنس المذكور حتى يؤتى بالنفس كذا قال الدمامينى قال «سم» وهو لايتأتى في المثنى والجمع اه. قال في الهمع قال أبو حيان:ومن يرى أن «أل» عهدية شخصية لا يبعد أن يجيز:نعم الرجل نفسه زيد. اه!!
(2) (قوله فمنعه الجمهور) أى لأنه إن أفراد خولف المعنى وإن جمع خولف اللفظ قاله الدمامينى.وقال الفارضى:لأن النعت يخصصه ويقلل شيوعه فينافي المقصود منه وهو الجنس في ضمن جميع الأفراد حقيقة أو مجاز كما هو المشهور فيه
/ صفحه 59 /
لذلك القصد.وأما إذا تؤول (1) بالجامع لأكمل الفضائل فلا مانع من نَعْته حينئذ ;لإمكان أن يراد بالنعت (2) ما أريد با لمنعوت وعلى هذا يحمل قول الشاعر.
نعم الفتى المرِّىُّ إذا هُم ... حضروا لدى الحَجَرات نار لم وقد
وحمل.بو على وابن السراجج مثل هذا على البدل وأبيا النعت ولا حجة لهما. اه وأما البدل والعطف فظاهر سكوته في شرح التسهيل عنهما جوازهما وينبغى ألا يجوز منهما إلا ما تباشره نعم (3)).اه.
فما أعجب هذا الكلام الذي يزدوج فيه العجب ولا ينفرد.ذلك أنهم منعوا التوابع لمخالفتها لتعليلاتهم الجدلية دون مخالفتها للمأثور وأنهم عادوا فأباحوها إن نويت كذا.كذا ... فالنية تُصْاح ما أفسده التعبير ;فمن نوى فقد استقام أسلوبه ;وإلا حُكم عليه بالفساد والبطلان.فليُقَدِّر المتكلم -مقدماً- أنه ينوى بكلامه ما أرادوا فتكون نيته رخصة إباحة،وجواز مرور. ومن لم يفهم ما أرادوا،أو لم يتسع وقته للنية أو لم تسعفه ذاكرته بها - ماذا يصنع؟ إنى أشير عليه أنْ يَنْوِىَ نيه عامه،سابقة، مطلقة; تشفع له عندهم -فيما أظن - فتفوز أساليبه بالسلامة،وتنجيها من حكمهم الأليم،ولا يحتاج إلى تكرار هذه النية وتجديدها كلما أراد التعبير ;وبهذا التلاعب يستريح ويرضيهم!!
(1) (قوله وأماإذا توول) أى الفاعل بالجامع لأكل الفضائل أى بأن أريد الاستغراق مجازاومثل ذلك ماإذا أريد الجنس حقيقة ولم يقصد بالنعت التخصيص بل الكشف والإيضاح كما استفيد من مفهوم قوله سابقا إذا قصد به التخصيص ومثله أيضاً ماإذا أريد العهد.
(2) (قوله لإمكان أن يراد بالنعت) بأن يراد بالنعت الجامع لكمالات جنس هذا النعت.
(3) (قوله إلا ما تباشره نعم) أى ما يصلح لمباشرتها بأل والمنصاف إلى المعرف بها ولو بواسطة. وقد جزم بالجوار بهذا القيد السيوطى قال البعض تبعا لشيخنا وقد يقال:الذي ينبغى الجوار مطلقا،ويغتفر في التابع مالا يغتفر في المتبوع اه.وأنت إذا تذكرت ماأسلفناه عن بعض المحققين من أن اغتفارهم فب التابع مالا يغتفر في المتبوع ليس أصلا في كل موضع ولذلك يقولون:قد يغتفر الخ هان عليك هذا البحث.اه.
/ صفحه 60 /
2ـجاءفي ابن عقيل وحاشية الخضرى مانصه عند شرح بيت ابن مالك في نِعْم:
وجمع تمييز وفاعل ظهر ... فيه خلاف عنهم قد اشتهر:
¥