(اختلف النحويون في جواز بين الجمع بين التمييز والفاعل الظاهر في نعم وأخواتها فقال قوم: لا يجوز ذلك،هو المنقول عن سيبوبه.فلا تقول:نعم الرجل رجلا زيد وذهب قوم إلى الجواز،واستدلوا بقوله:
والتغلبيون بئس الفحل فحلهمو ... فحلا وأمهمو زلاء منطيقُ
وقول الآخر:
تزود مثل زاد أبيك فينا ... فنعم الزاد زاد أبيك زادا
وفصل بعضهم ;فقال:إن أفاد التمييز فائدة زائده على الفاعل جاز الجمع بينهما ;نحو: نعم الرجل فارساًزيد،وإلا فلا ;نحو نعم الرجل رجلا زيد.فإن كان الفاعل مضمراًجاز الجمع بينه وبين التمييز اتفاقا; نحو: نعم رجلا زيداً).اه.
قال في الخضرى في حاشيته تعليقاً على بعض ما سبق:
(قوله:قال قوم لا يجوز ذلك) أى.لعدم إبهام الظاهر حتى يُميّز وتأولوا ما ورد يجعل المنصوب حالا مؤكدة أو ضرورة!! وردّبأن رفع الإبهام غير لازم للتمييز،فقد يرد للتوكيد; كقوله:
ولقد علمت بأن دين محمد ... من خير أديان البرية دينا
فكذا ماورد من هذا.اه. قال الأشمونى،ممن أجاز مجىء التمييز بعد الفاعل الظاهر المبرد وابن السراج والفارسى والناظم وولده،وهو الصحيح ;لو روده نظما ونثراً; فمن النظم قوله:
نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت. ... ردّالتحية نطقاًأو بإيماء
وقوله:
والتغلبيون بئس الفحل فحلهمو. ... فحلا وأمهوا زلاء منطيق
وقوله:
تزود مثل زاد أبيك فينا. ... فنعم الزاد زاد أبيك زادا
/ صفحه 61/
و من النثر ما حكى من قولهم: نعم القتيل قتيلا أصلح بين بكر و تغلب. و قد جاء التمييز حيث لا ابهام يرفعه، لمجرد التوكيد كقوله:
و لقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
و منعه سيبويه و السيرافي مطلقاً، و تأولا ما سمع. و قيل: ان أفاد معنى زائداً جاز و الا فلا، كقوله:
فنعم المرء من رجل تهامى
و قوله:
و قائلة نعم الفتى أنت من فتى
أي من متفت، أي: كريم. و في الاثر: نعم المرء من رجل لم يطأ لنا فراشاً، و لم يفتش لنا كنفاً منذ أتانا. و صححه ابن عصفور. ا هـ.
و فيما نقلناه ما يغنى عن التعليق (حيث يتحكم المانعون في أسلوب صحيح مسمومع من أجل علة مصنوعة بغير مبالاة! فأي تعليق مناسب هذا الخطر؟).
3 ـ جاء في الاشموني و حاشيته في باب الاشتغال ما نصه عند بيت ابن مالك و اختير نصب قبل فعل ذي طلب …
و هو الامر، و النهي، و الدعاء، نحو: زيداً اضربه، أو: ليضربه عمرو، أو: لا تهنه، و اللهم عبدك ارحمه، أو: لا تؤاخذه، و بكراً غفر الله له. و انما وجب الرفع في نحو زيد «أحسن به لأن الضمير في محل رفع. و انما اتفق السبعة عليه (أي على المرجوح) في نحو قوله تعالى: «الزانية و الزاني فاجلدوا» لأن تقديره عند سيبويه: مما يتلى عليكم حكم الزانية و الزاني. ثم استؤنف الحكم. و ذلك لأن الفاء لا تدخل عنده في الخبر في نحو هذا. و لذا قال في قوله:
و قائلة خولان فانكح فتاتهم
ان التقدير: هذه خولان. و قال المبرد: الفاء لمعنى الشرط، و لا يعمل الجواب في الشرط، فكذلك ما أشبهه، و ما لا يعمل لا يفسر عاملا. و قال ابن السيد و ابن بابشاذ: يختار الرفع في العموم كالآية، و النصب في الخصوص كزيداً اضربه) ا هـ.
/ صفحه 62/
و هذا على غرابته أخف مما أضافه اليه الصبان حيث قال:
(قوله و انما اتفق السبعة الخ …) دفع للاعتراض بلزوم اجماع السبعة على الوجه المرجوح. و حاصل الدفع أن هذا ليس مما نحن فيه بل الاسم المرفوع عند سيبويه مبتدأ خبره محذوف و الجملة بعده مستأنفة!! فالكلام جملتان. و عند المبرد: مبتدأ خبره الجملة بعده، و دخلت الفاء لما في المبتدأ من معنى الشرط، فلهذا لم يجز نصب الاسم، اذ لا يعمل الجواب في الشرط، فكذا ما أشبهه، و ما لا يعمل لا يفسر عاملا. و قال ابن السيد و ابن بابشاذ: مما نحن فيه، و الرفع يختار في العموم كالآية. قال البعض: و ذكر السعد أنه لا يمتنع اجماع السبعة على المرجوح، كقوله تعالى: «و جمع الشمس و القمر» لأن المختار جمعت لكون الفاعل مؤنثا غير حقيقي بلا فاصل ا هـ. أي و لا يمنع من اختيار التأنيث عطف مذكر على الفاعل كما نقدم).
¥