تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهل يصح في الاذهان ما يرمى اليه هذا الكلام؟ و هل نؤمن بأن اجماع السبعة قد يقع على رأي مرجوح؟ و اذا كان اجماع السبعة على رأي يقرمون به القرآن لا يكسبه الارجحية فما الذي يسبغ عليه هذه الارجحية؟ و لم كان الرأي ـ مع اجماعهم عليه ـ مرجوحا؟ الانه خالف النصوص العربية الأصيلة أم لأنه خالف قاعدة النحاة؟ أما الاقول فلا، و حسبه نزول القرآن به و اجماع السبعة عليه. و أما الثاني فنعم. و من أجل قاعدة النحاة و تعليلاتهم يتناولون كتاب الله الاسمى في بلاغته و فصاحته و اجماع السبعة على قراءة فيه ـ بالحذف، و التقدير، و ضروب التأويل المختلفة، كما يتناولون كلام العرب كذلك ـ من أجل «نحوهم» و تعليلاتهم و لا يتناولون هذن بالتغيير و التحوير ليسايرا أبلغ كتاب عربي و هو القرآن و يأتلفا مع كلام العرب أهل اللغة و أربابها الحقيقيين.

و مثل ما سبق كثير (في باب الاشتغال) كالذي أوردوه في الاسم المرفوع الواقع بعد ان واذا من وجوب اعرابه فاعلا لفعل محذوف و تحريم اعرابه مبتدأ في مثل قوله تعالى: «اذا السماء انشقت…» و ان أحد من المشركين استجارك …

/ صفحه 63/

فلهم في هذا و أمثاله غرائب دونتها مطولاتهم و حواشيهم في هذا الباب خاصة و في غيره من الأبواب.

4 ـ ما اعراب مثل كلمة الرجل أو العاقل أو نحوهما مما يجيء بعد «أي» الوصلة للنداء، مثل يأيها الرجل أو يأيها العاقل؟ معركة شنيعة أثارها الخضري ثم اشترك فيها الصبان [1] و التصريح.

و هذا باب التنازع!! ان أحكامه متشعبة و كثير منها معقد و لا سبب لهذا الا التعليلات الفلسفية التي لا تتصل بالحق و الواقع في قليل أو كثير. استمع اليهم يقولون في تنازع العاملين أو العوامل في مثل قعد و كتب محمد، و مثل جاء و أقبل محمود … ان الثاني من المتنازعين أولى بالعمل من الأول عند أهل البصرة لقربه و لو كان أضعف من الأول في العمل العام. و اختار الكوفيون الأول لتقدمه واتفق الفريقان في مثل ذلك المثال على أن أحد العاملين عامل في الاسم و الآخر في ضميره. و قال الفراء: (ان اتفق العاملان في طلب المرفوع فالعمل لهما و لا اضمار نحو يحسن و يسىء ابناكا… [2]) و هذا هو الرأي المقبول المعقول و لكنهم رفضوه لمخالفتهم لفلسفتهم التعليلية حيث قالوا:

(أورد على هذا الرأي أن العوامل كالمؤثرات فلا يجوز اجتماع عاملين على معمول واحد الا أن يريد أن العمل لمجموعهما كما في زيد و عمرو قائمين. و فيه نظر للفرق بأن كلا من الفعلين يستقل برفع زيد و كل من الاسمين لا يستقل برفع هذا الخبر فليتأمل … [3]) ا هـ.

5 ـ اذا وقعت كلمة «ما» بعد «نعم» و أخواتها فما اعرابها؟ تشعبت المذاهب الى أكثر من عشرة و لا يعنينا من هذا التشعب الذي سجله الأشموني و أمثالة الا الرأي الذي يجعلها تمييزاً لا فاعلاً و الرأي الذي يعكس [4].

/ صفحه 64/

و بعد فلعل في الأمثلة السابقة رمزاً دالا على نظائرها الكثيرة المتفرقة في أبواب النحو و كلها ينطق بأوضح بيان بما أصاب اللغة (ضبطاً و مبنى و أسلوبا) في صميمها من اساءات بالغة بسبب اخضاعها للعلل و التعليلات و استبداد هذه بتلك. و لا شفاء لها مما أصابها الا باهدار «التعليلات» و ازاحتها عن صدرها بعد أن أوسعت الخلاف و عددت الآراء توسيعاً و تعديداً ليس مصدرهما لهجات العرب التي سبق الكلام عليهان و انما مصدره المجادلات و المماحكات اللفظية فاشتد بها الداء.

اللهم الا التعليلات التنظيرية التي أشرنا اليها أول البحث. و قد يكون الأحزم و الأولى أن نستعرض التعليلات (غير التنظيرية) واحدة واحدة في مواطنها من القواعد النحوية و ندرسها في تؤدة و نصفة و نقضى قضاء مبرما على ما لا خير فيه ـ و ما أكثره ـ و نستبقى ما قد يكون مطابقاً للعقل و الواقع ـ و ما أندره ـ غير مترددين و لا هيابين. بهذا و ذاك و ما أشرنا به نطهر النحو من عيب أي عيب، و نصفيه من أدناس و أوشاب طغت عليه و أساءت إليه و إلى المشتغليين به و الراغبين فيه.


[1] الاشموني.
[2] الاشموني.
[3] الصبان.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير