تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مجردة ومزيدة ... فيجد المراجع ميسرة، والغاية قريبة، وندر من يرجع في كل معضلاته إلى المظان النحوية حيث يضل فيها، وقد يصعب عليه أن يعرف مكان مسألته من تلك المراجع التي يغرق فيها غير المتخصصين.

/ صفحه 293 /

صريح الرأي في النحو العربي

داؤهُ ودَواؤه

للأستاذ عباس حسن

أستاذ اللغة العربية في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة

ـ 10 ـ

خاتمة البحث

... ومن آفات «نحونا» القديم ما يسمونه: «عدم التجميع وسوء التعوزيع» يريدون بذلك أمرين معاً:

«أ» أحدهما أنك لا تجد ـ للخاصة المتفرغة ـ كتاباً جامعاً يشمل أبواب النحو كلها ومسائله المختلفة بحيث يكون «موسوعة» نحوية وافية لا يند عنها شيء يرجعون إليها متى شاءوا؛ فيجدون المادة كلها بين أيديهم مركزة مجمعة، لا شتات فيها ولا نقص. يأخذون منها ما أرادوا ويقفون عندها ما طاب لهم الوقوف لا يبذلون جهدهم ووقتهم في تصيدها من مظانها المتعددة، والجرى وراءها هنا وهناك، وما أكثر ما يخفقون، إما لتعدد المراجع، وكثرة المظان، وإما لعسر الوصول إلى بعضها، وإمّا لجهل الباحث بالمرجع أو بمكان بوجوده ... وتلك صعوبات مرهقة تحد نشاط الباحثين، وقد تفسد عليهم نتائج بحثهم بما فاتهم من مراجع لو اهتدوا إليها لتغيرت أحكامهم، ولكان لهم رأي غير الذي ارتأوا. ولهذا أثره العمليّ الواضح في اللغة قولا وكتابة؛ كالذي نشهده اليوم في الصحف، والمجلات، والمجالس الأدبية، والأندية العلمية؛ من تحطئة كلمة أو تركيب، واستنكار تعبير، واستكراه آخر، من غير أن يكون لذلك سبب ـ في أكثر الأحيان ـ إلا خلو المراجع القريبة الميسرة مما يؤيده ويسانده. ولا يلبث أن يتصدى باحث آخر لتصويب الخطأ، وإدخال المستنكر المستكره في عداد المستحسن الحبيب؛ مستنداً في ذلك إلى مراجع نحوية أخرى لم تتهيأ للأول، ولم تساعفه؛ ومن ثم تقع البلبلة والاضطراب بين الأدباء والمتعلمين، بل العلماء المتخصصين، في الحكم على الألفاظ والتراكيب من حيث صحة مبناها ومعناها، ومن حيث التفاوت في بلاغتها وسمو أدائها. ومن العجب أنك قد ترى مسائل نحوية جليلة، مفرقة في كتب التفسير؛ كالذي نراه في تفسير الزمخشري والفخر الرازي، والبيضاوي؛ ففيهما بعض اللطائف والدقائق التي لا وجود لها في كتب النحو أحياناً (1) او التي يغر الاهتداء اليها في كتب النحو الخاصة أحيانا أخرى وترى مسائل اخرى لكهذه في كتب البلاغة؛ كالذي نشهده في حواشي السيد او في كتب اللغة وخصائصها، كالتحف والطرائف الجليلة المنثورة في كتاب المخصص لابن سيده والتي تجمع كثير منها في اجزائه الاخيرة، وكالذي في معاحم اللغة كتب الاصول وغيرها … وقد يكون السبب في ذلك ان مؤلفي هذه الكتب لم يكونوا ائمة متخصصين في الفرع الذي الفوا فيه كتبهم وحده وإنما كانوا ائمة فيه وفي النحو معاً؛ فهذا الزمخشري امام، مفسر لغوي، نحوي، بلاغي، لا يكاد يتخلف في فرع من هذه، او يقصر؛ فكفايته

ــــــــــ

(1) هذا كثير يصادف الباحث ويفاجئه في فترات مختلفة. من ذلك ما قرأته في تفسير البيضاوي لقوله تعالى: «لهم فيها أزواج مطهرة» حيث قال: قرى مطهرات، وهما لغتان فصيحتان، يقال: النساء فعلت وفعلن، وهن فاعلة، وفواعل قال الشاعر:

وإذا العذاري بالدخان تقنعت واستعجلت نصب القدور فملت

ثم جاء في حاشية الشهاب على البيضاوي ما نصه:

(قوله: وهما لغتان فصيحتان) يعني أن صفة جمع المؤنث السالم والضمير العائد إليه مع الفعل يجوز أن يكون مفرداً مؤنثاً ومجموعاً مؤنثاً فنقول: النساء فعلت والنساء فعلن ونساء قانتات وقانتة ... اهـ.

هذا مع ان الشائع في مطولات النحو أنها توجب مطابقة النعت الحقيقي لمنعوته في الجمع إلا إن كان المنعوت جمعاً لما لا يعقل فيجوز في النعت المطابقة ويجوز أن يكون مفرداً مؤنثاً نحو ... أيام معدودات أو معدودة.

/ صفحه 295/

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير