تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيها سواء وبراعته كاملة. وكذلك الرازي، ومثلهما السعد وإن غلبت عليه الشهرة البلاغية. وكذلك أبو حيان، وابن مضاء، وابن جنى والرضّى، والبيضاوى والشهاب ... ومن هنا كانت الحاجة مُلحّة في جمع هذا الشتات كله، ثم غربلته بتؤدة، وأناة ومهارة، ثم وضعه مواضعه الأصلية من أبواب النحو وفصوله ثم إخراج موسوعة نحوية حديثة لو أنها تنتظم فوق ما تنتظمه من مجموعة هذا التراث ـ بعد تصفيته وتنقيته ـ الفهارس الحديثة المختلفة، والطباعة المونقة، المُجَمَّلة بحسن التنسيق، وبراعة الترقيم ـ لجاءت موسوعة، طريفة، نافعة، تشجع المتخصصين فيما هم بسبيله، وتدنى إليهم ثمار ما يبتغون وتخفف عنهم بعض الذي منه يضجون. أما من يقوم بالعلاج، ويتقدم لحمل العبء؛ أهم الأفراد من ذوى الثقافة النحوية المتخصصة، أم الهيئات العلمية الرسمية؛ كالجامعات، ووزارة التربية ومجامع اللغة ـ أم غير الرسمية ـ فذلك بحث آخر؟.

«ب» وثانيهما ـ وهو متصل بالأول اتصالا وثيقاً ـ أن مسائل الباب الواحد لا تندرج تحت ذلك الباب، ولا تتجمع فيه تجمعاً شاملا بحيث تنحصر في داخله، لا تُفْلت واحدة، ولا تندّ: فلست أعرف كتابا نحويّا يحوى الباب منه أو الفصل جميع مسائله وقواعده بحيث تقرأ هذا الباب أو الفصل فتجد فيه غنية عن كل كتاب آخر. فإذا كان العيب الأول يتلخص في أنك لا تجد كتابا واحداً في النحو يجمع أبوابه وقواعد كل باب جمعا لا قصور فيه ولا تقصير، فإن العيب الثاني أنك لا تجد في النحو كتابا يحوى مسائل كل باب مع فروعها احتواء شاملا يحصرها في دقة وتوفية بحيث يغنيك عن الرجوع إلى غيره. وهذا العيب عام في كتب النحو كلها. أليس من المفارقات أن تجد كتابا كالأشموني وحاشيته يعرض لباب مثل ظن وأخواتها، فلا يوفي أحكام التعليق والإلغاء حقها، ثم يعرض لسرد ما نقص منها في أبواب أخرى لمناسبات عارضة كباب: «كم وكأي وكذا» وقد يتعرض للمعلِّقات فلا يذكر منها «إذاً»

/ صفحه 296/

مع كثرة دورانها في التعليق وإنما يذكرها الصبان (1) لا في ذلك الباب (باب ظن وأخواتها). ولكن عند الكلام على «كم» الخبرية وأنها من المعلقات قائلا: إن كل ماله الصدارة يعّلق، فمن أين اللباحث الذي يقرأ أحكام التعليق في موطنها الطبيعي أن يعرف أن لها بقية لم تذكر في هذا الموطن الأصلي وإنما ذكرت في موطن آخر لم تسبق إليه إشارة. ولم يتقدم عليه ما يوجه إليه الأنظار، أو أنها ذكرت في ركن من أركان الحاشية عرضاً عند الكلام على أداة أخرى بمناسبة طارئة؟

ومثل ذلك ما ورد في حاشية الصبان في باب التصغير حيث قال ما نصه:

(قال في التسهيل: يحذف لها أي لأجل تلك الياء (ياء التصغير) أول ياءين َليِتَاها فيقال في تصغير «عليّ» عُلْى بحذف أولى الياءين اللتين وليتاها ... اهـ.

فالنص صريح هنا في باب التصغير أن أول ياءين بعدها يحذف. على حين لو رجعت إلى الأشموني باب المنادي المضاف لياء المتكلم لوجدت تنبيهات، الثاني منها خاص بالكلام على: بنَيَّ وأن ياءه الأخيرة مفتوحة أو مكسورة وكلاماً هناك يدل على جواز أن الياء المحذوفة ليست هي التي تلي ياء التصغير بل يجوز أن تكون هي أو أن تكون ياء المتكلم. وآثاره التي تخالف آثار الآخر. فلم تجزأ القاعدة في كتاب مطول كهذا، ولا تذكر كاملة وافية في هذا الباب أو ذاك أو فيهما معاً وهو الأحسن؟

وهذا العيب كسابقه في أسبابه ونتائجه ووسائل علاجه.

* * *

بقيت مشكلة أخيرة؛ هي: اللغة التي صيغ بها النحو، والطريقة التي ألّف بها؛ فليس من شك أنهما لا يناسبان ناشئة اليوم، ولا من قطعوا في تعليمهم العصري مراحل أو فرغوا منه؛ فهم جميعا سواء أمام لغة الكتب النحوية القديمة المعقدة، وطريقتها الملتوية هم عاجزون أمامها وإن تفاوتت الكتب

ــــــــــ

(1) الصبان، التنبيه الثاني عند الكلام على: لعل.

/ صفحه 297/

في سلاسة لغتها، ووضوح مرادها، واستقامة خطتها؛ فكان ـ في هذه المزايا ـ بعضها (كشرح ابن عقيل والمفصل)، أوفر نصيباً، من بعض آخر (ككتاب سيبويه وشروح الكافية).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير