تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقدم شكل للكتابة الأنسانية عرفه الأنسان هو الكتابة التصويرية، التي تقوم على أساس تمثيل كل شيء أو فكرة بعلامة أو صورة مساوية لذلك الشيء أو تلك الفكرة، وهي كتابة تتميز بأن قراءتها في متناول أي إنسان، لأن صورة الشيء تفصح عن مدلوله، فاذا رأينا صورة إنسان يحمل قوسا ومعه كلبه، وقريبا منه صورة غزال يعدو، أمكننا بسهولة أن ندرك أن ذلك يدل على رحلة صيد، ومن أشهر الكتابات التصويرية الكتابة الهيروغليفية، والصينية، والسومرية في صورتها القديمة، لأن أيا من هذه الكتابات الثلاث لم يبق على تلك الحالة، لقصور الصورة عن التعبير عن كل حاجات الأنسان، فتطورت تلك الكتابات باستخدام الأسلوب الرمزي في الكتابة، فكانت العلامة تستخدم للدلالة لا على الشيء المادي الذي تمثله فحسب، بل للدلالة أيضا على الأسماء والأفعال والصفات ذوات العلاقة بالشيء المادي الذي تمثله العلامة.

2 - الكتابة المقطعية

كانت العلاقة في الكتابة التصويرية بين الشيء وصورته المكتوبة علاقة معنوية، يدركها كل إنسان

بغض النظر عن لغته التي يتكلمها، لكن تلك الكتابة كانت عاجزة عن التعبير عن الأفكار بشكل دقيق، فعمل الإنسان على تطويع الكتابة للتعبير عن حاجاته كافة، وذلك بجعل العلاقة بين الشيء وصورته المكتوبة علاقة صوتية، لكنها بدأت مقطعية، أي أن المقطع الصوتي المؤلف من أكثر من صوت يعبر عنه برمز واحد، وهكذا استطاع الإنسان أن يحلل ألفاظ اللغة الى مقاطع، وأن يستعمل الصورة للتعبير عن المقطع الصوتي.

فالكلمة (مَكْتَب) مثلا مؤلفة من مقطعين صوتين (مَكْ+تَبْ) وعن كتابتها سوف يستخدم الكاتب رمزين فقط رمز للمقطع الأول، ورمز للمقطع الثاني. ولو أراد ذلك الكاتب أن يكتب (مكسب، ومكرم، ومكوى، ومكبس، .... الخ) فانه سوف يستخدم الرمز الأول نفسه، في كتابة المقطع الأول في هذه الكلمات جميعا. ولو أراد أن يكتب (تَبْشير، وتَبْين، ومرتب، ومَعْتَب .... الخ) فانه سوف يستخدم الرمز الثاني الذي استخدمه في كتابة (مكتب) في التعبيرعن المقطع الأول في الكلمتين الأوليتين، والمقطع الأخير في الكلمتين الأخيرتين، وهكذا. ومن أشهر الكتابات المقطعية القديمة الخط المسماري الذي كتب به السومريون والبابليون والآشوريون في العراق في العصور القديمة، ومن الكتابات المقطعية التي ما تزال حية مستعملة الكتابة الصينية.

والكتابة المقطعية تقتضي استخدام مئات الرموز للتعبير عن المقاطع الصوتية التي تتألف منها ألفاظ اللغة، ويشكل ذلك عقبة في طريق استخدام هذا النوع من الكتابات، ومن ثَمَّ فان خطوة أخرى كانت ضرورية لتصل الكتابة الى استخدام رمز واحد لكل صوت لغوي واحد.

3 - الكتابة الأبجدية:

وتقوم هذه الكتابة على تخصيص رمز واحد للصوت الواحد، أي أن الرموز المستخدمة في الكتابة تكون بعدد مساو للأصوات التي تتألف منها اللغة وانخفضت بذلك الرموز المستخدمة في الكتابة الى ما يقارب الثلاثين، تزيد قليلا أو تنقص قليلا، بحسب اللغة التي تستخدم الكتابة، وعلى الرغم من أن هناك بعض النقائص التي يعاني منها عدد من الكتابات الأبجدية إلا أن هذا التطور في الكتابة قد نقلها الى مرحلة تتميز بأمرين معا، الأول: سهولة الأستخدام، والثاني: الدقة في تمثيل أصوات اللغة المكتوبة الى حد ما.

ومعظم الكتابات المستخدمة في زماننا من هذا النوع، لكن تحديد المكان والزمان الذي حصل فيه ذلك التطور لا يزال موضع خلاف بين الباحثين في أصل الكتابة، وان كانوا جميعا يشيرون الى المنطقة الواقعة شرقي البحر المتوسط وما يحاذيها من الجنوب، ويذكرون الكنعانيين والفينيقيين على أنهم رواد ذلك التطور، وأن ذلك قد تم في حدود منتصف الألف الثاني قبل الميلاد.

ومهما يكن من أمر فإن الكتابة العربية ترتبط في نظر معظم الباحثين المحدثين بتلك الكتابات الأبجدية التي كانت سائدة في بلدان شرقي البحر المتوسط المتصلة بشمال الجزيرة العربية، ويذهبون الى أنها تطورت عن الكتابة النبطية التي تمثل أحد الخطوط المتحدرة عن الكتابة الآرامية المشتقة من الأبجدية الفينيقية. والذي يعنينا أن نتحدث عنه بشكل مفصل هنا هو ما قيل عن أصل الكتابة العربية ومراحل تطورها القديمة.

المبحث الثاني: الخط العربي وأصوله التاريخية:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير