تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(1) ان المسند مشتق من الابجديات السامية الشمالية، السينائية، أو الفينقية، أو الكنعانية، وهذا يقتضي أن تكون تلك الابجديات أقدم تاريخا من المسند، وهو أمر غير مقطوع به تماما.

(2) ان المسند هو أقدم الابجديات المعروفة، وان الخطوط السامية الشمالية قد اشتقت منه، وهذا رأي يفتقر الى الادلة أكثر من الرأي السابق.

(3) ان المسند والخطوط السامية الشمالية قد اشتقا من أصل قديم واحد، وقد غابت عنا تفاصيل ذلك، أو لم يحن وقت لكشفها بعد.

(4) ومن الدارسين من قال: (إن من الصعب البت في الوقت الحاضر في موضوع أصل المسند، لأن صور الأبجديات القديمة الواصلة الينا لاتزال قليلة، ولانجد بين صورها وبين صور المسند تشابها كبيرا بحيث يمكن أن نستنبط من هذا التشابه حكما يفيدنا في تعيين أصل المسند. والتشابه بين حروف قليلة لايمكن أن يكون سببا للحكم باشتقاق خط من خط. وعندي أن الأبجدية العربية الجنوبية تمثل مجموعة خاصة، تفرعت من أصل لانعرف من أمره اليوم شيئا، لأن شكل حروف المسند لايشبه شكل حروف الأبجديات المعروفة، فلننتظر فلعل المستقبل يكشف للعلماء النقاب عن أبجديات مجهولة) ().

المطلب الثاني: الخط العربي الشمالي:

أما الخط العربي الشمالي الذي نكتب به الى اليوم، فقد كان معروفا منذ قرنين أو ثلاثة قرون قبل الأسلام، لكن النقوش المعروفة منه من تلك الفترة قليلة، على عكس المسند الذي وجد الباحثون مئات النصوص منه، ولا يلزم الحديث هنا عن مقدار انتشار الخط العربي الشمالي قبل الإسلام ()، إلا بالقدر الذي يوضح ما قيل عن أصل ذلك الخط، ويمكن للدارس أن يتناول هذا الموضوع من جانبين، الأول: الروايات والأقوال القديمة في أصل الخط العربي، والثاني: رأي الباحثين المحدثين.

أولا: الروايات والأقوال القديمة:

تضمنت المصادر العربية القديمة أقوالا وروايات عن أولية الخط عامة، والخط العربي خاصة، لكن (الروايات في هذا الباب تكثر وتختلف) كما يقول ابن فارس (). وقد رفضها كثير من الدارسين المحدثين لغلبة طابع الخرافة على أكثرها، لكني أعتقد أنها لا تخلو من بعض الإشارات الدالة، ومجرد إثارة التساؤل عن الموضوع أمر ذو قيمة، ويمكن إجمال ما جاء في المصادر القديمة عن أصل الخط العربي بما يأتي:

(1) روي عن كعب الأحبار أنه قال: أول من كتب الكتاب العربي والسرياني والكتب كلها آدم عليه السلام، قبل موته بثلاث مئة سنة، كتبها في طين، ثم طبخه، فلما اصاب الأرض الغرق ايام نوح بقي ذلك، ووجد كل قوم كتابهم فكتبوه، فاصاب إسماعيل عليه السلام الكتاب العربي. وروي عن ابن عباس انه قال: أول من وضع الكتاب العربي إسماعيل عليه السلام ().

وهذه الروايات تفتقر الى التوثيق، واذا أمكن التثبت من اسانيدها الى كعب أو ابن عباس، فان السؤال الكبير عن مصادرها يظل يمثل مشكلة حقيقية، ومن ثم أشتد نكير بعض العلماء على رواية كعب فقال ابن النديم: (وأنا أبرأ الى الله من قوله ... ) ().

ويحمل ابن فارس مثل تلك الروايات على أن الخط توقيف من الله تعالى وقال: (فليس ببعيد أن يوقف آدم عليه السلام أو غيره من الأنبياء عليهم السلام- على الكتاب) (). نعم ليس ذلك ببعيد، لكن القول به يحتاج إلى الخبر الصحيح، ولا يكاد يعرف مثله إلا عن طريق الوحي،

وليس في قوله تعالى: {الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم} [سورة العلق/4 - 5] ما يقطع أن المقصود بالأنسان هو آدم عليه السلام.

(2) وقال هشام بن محمد السائب الكلبي: إن أول من وضع الخط العربي قوم من الأوائل من العرب العاربة، وكانوا نزولا عند عدنان بن أد، أسماؤهم: أبجد، وهوز، وحطي، وكلمن، وسعفص، وقرشت، فوضعوا الكتاب العربي على أسمائهم، فلما وجدوا حروفا في الألفاظ ليست في أسمائهم ألحقوا بها، وسموها الروادف، وهي الثاء والخاء والذال والضاد والظاء والغين. وتنقل المصادر عن ابن الكلبي أنهم كانوا ملوكا، ولمهلكهم قصة، قيل فيها شعر، استطلت ذكره ().

ولم تكن هذه الرواية أسعد حظا بالقبول من سابقتها عند القدماء بله المحدثين، وأقل ما قيل فيها. أن البلوي ألحق في آخرها عبارة (والله أعلم)، ثم علق عليها بقوله: (لم يذكره في الخبر، أنا قلته!) () تشككا منه في صحته.

وقد صرح برفضها أحد المتقدمين محتجا بحجج ثلاث هي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير