ـ[أبو ثغر]ــــــــ[03 - 02 - 06, 03:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفهم الصحيح جزاكم الله خيرا على هذه الهدية القيمة حقا وقد استفدت منكم كثيرا جدا
والأخ أبو مالك العوضي بارك الله في فهمك , تأمل أخي ما يأتي من الكلام إن غمض بعض كلامي السابق , أما قولك " وإنما أنا ذكرتها للدلالة على أن بعض العلماء يمنع الاحتجاج بالحديث في اللغة"
ففيه نظر لأن الاعتراض على لفظة في الحديث لا يعني منع الاحتجاج به كما يتوهم.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو ثغر]ــــــــ[03 - 02 - 06, 03:28 ص]ـ
اعلم أخي الكريم أن كلام الأئمة الثلاثة الذين اشتهر عنهم القول بترك الاستدلال بالحديث كان محاولة منهم في تفسير موقف أوائل النحاة من الحديث
فمن ثم خرجت عباراتهم المشهورة عنهم في المسألة والتي يدندن حولها الباحثون باختلاف مشاربهم, فإن أصابوا في استقراء حال أوائل النحاة تجاه الحديث فلهم أجران وهذا ما نريد , وإن أخطأوا الطريق بعد اجتهاد منهم فلهم أجر اجتهادهم ولنا البحث عن الحق الذي جانبهم.
قال السيوطي: وأما كلامه صلى الله عليه وسلم - فيستدل منه بما ثبت أنه قاله على اللفظ المروي وذلك نادر جدا وإنما يوجد في الأحاديث القصار على قلة أيضا.
فعبارة السيوطي (يستدل منه بما ثبت أنه قاله على اللفظ المروي) واضحة في أنه لا يقول بترك الاستدلال بالحديث مطلقا , ولذا ذهب كثير من الباحثين إلى أن السيوطي من المتوسطين في المسألة لعبارته السابقة , والذي يعنينا الآن أنه لم يقل بترك الاستدلال بالحديث مطلقا.
وقال أبو حيان: قد أكثر هذا المصنف من الاستدلال بما وقع في الأحاديث على إثبات القواعد الكلية في لسان العرب وما رأيت أحدا من المتقدمين والمتأخرين سلك هذه الطريقة غيره ...........
ألا ترى معي أنه ينتقد عليه (إكثاره) في الاستدلال بالحديث لا أصل الاستدلال ,ولو كان يقصد أصله لكان مناقضا نفسه لأن كتبه تحمل الكثير من الأحاديث المستدل بها على قواعد نحوية لأئمة النحو قبله , وهو يعلم مكانة لغة النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال:
ونعلم قطعا من غير شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفصح الناس فلم يكن ليتكلم لا بأفصح اللغات وأحسن التراكيب وأشهرها وأجزلها وإذا تكلم بلغة غير لغته فإنما يتكلم بذلك مع أهل تلك اللغة على طريق الإعجاز وتعليم الله ذلك له من غير معلم (والمصنف قد أكثر من الاستدلال بما ورد في الأثر) متعقبا بزعمه على النحويين وما أمعن النظر في ذلك ولا صحب من له التمييز
وقد قال لنا قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة وكان ممن أخذ عن ابن مالك قلت له يا سيدي هذا الحديث رواية الأعاجم ووقع فيه من روايتهم ما يعلم أنه ليس من لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يجب بشيء. فإن قيل: إنه قال في آخر كلامه:
"فمن طالع ما ذكرناه أدرك السبب الذي لأجله لم يستدل النحاة بالحديث."
قيل له: يفهم كلامه على ما سبق من قلة الاستدلال بالحديث لا على ترك الاستدلال مطلقا.
والذي يقوي هذا المعنى نقله احتجاج النحاة بالحديث في كثير من كتبه مثل التذييل والتكميل وارتشاف الضرب وتذكرة النحاة والبحر المحيط وغيره , ومن هؤلاء النحاة الكسائي والفراء والمبرد والأخفش وغيرهم ممن ورد اسمهم في كتبه صراحة على قلة.
وكذا استدلال أبي حيان نفسه بالحديث يدل على ما سبق تأمل هذه العبارة في كتابه تذكرة النحاة وهو من آخر ما ألف أبو حيان حسب علمي –قال:"فإن كان الفعل من باب كان واتصل بضمير رفع جاز في الضمير الذي يليه الاتصال والانفصال , والاتصال عندي أجود لأنه الأصل , وقد أمكن , ولشبه (كنته) (بفعلته) فمقتضى هذا الشبه أن يمنع كنت إياه كما يمتنع فعلت إياه , فإذا لم يمتنع فلا أقل من أن يكون مرجوحا , وجعله أكثر النحاة راجحا وخالفوا القياس والسماع , أما مخالفة القياس فقد ذكرت , وأما مخالفة السماع فمن قبل أن الاتصال ثابت في أفصح الكلام المنثور , كقوله صلى الله عليه وسلم لعمر "إن يكنه فلا تسلط عليه , وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله " وقول بعض العرب " عليه رجل ليسني" وفي أفصح الكلام المنظوم .......... "
ص48 - 49 ط مؤسسة الرسالة – بيروت
وقال ابن الضائع: تجويز الرواية بالمعنى هو السبب عندي في ترك الأئمة كسيبويه وغيره الاستشهاد على إثبات اللغة بالحديث واعتمدوا في ذلك على القرآن وصريح النقل عن العرب ولولا تصريح العلماء بجواز النقل بالمعنى في الحديث لكان الأولى في إثبات فصيح اللغة كلام النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أفصح العرب
ثم أضاف: وكان ابن خروف يستشهد بالحديث كثيرا فإن كان على وجه الاستظهار والتبرك بالمروي فحسن وإن كان يرى أن من قبله أغفل شيئا وجب عليه استدراكه فليس كما رأى.
وانظر إلى عبارته (يستشهد بالحديث كثيرا) لتعلم حقيقة اعتراضه على ابن خروف لأنه لو قصد مطلق الاستدلال رد عليه باستدلاله هو بالحديث , ونقله استدلال من قبله بالحديث في كتبه.
أما بقية عبارته فهي اجتهاد منه في استقراء موقف النحاة من الحديث , وينقض استقرائه أن سيبويه استدل بالحديث , بل أكثر من الاستدلال بالحديث مقارنة بأقرانه من النحاة وإن لم يصرح بأنه ليس من الحديث.
وموقفه هذا لم يمنعه من الاستدلال بالحديث كما تبين من كتبه ومن ذلك ما قاله في شرح الجمل عند حديثه عن اللام الفارقة فقد قال: ...... قال الأستاذ: وعلى هذا جرى الخلاف بين أبي العافية وابن الأخضر فيما ورد في الحديث من قوله عليه السلام:"قد علمنا أن كنت لمؤمنا" ففتح (أن) ابن أبي العافية؛ لأن هذه اللام عنده ليست لام الابتداء , وكسرها ابن الأخضر؛ لأنها هي .... والصحيح عندي أنها لام الابتداء والحديث عندي دليل على أنها لام الابتداء"
عن كتاب خصائص مذهب الأندلس النحوي خلال القرن السابع الهجري للدكتور عبد القادر رحيم الهيتي / منشورات جامعة قار يونس –ليبيا
وبهذا يتبين لنا أن من تمسك بكلام (المانعين) في تقسيم موقف المسلمين من الحديث إنما يتمسك بخيوط العنكبوت بغير فكر ولا روية.
والحمد لله رب العالمين
¥