ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[03 - 02 - 06, 03:49 م]ـ
اعلم أخي الكريم أن كلام الأئمة الثلاثة الذين اشتهر عنهم القول بترك الاستدلال بالحديث كان محاولة منهم في تفسير موقف أوائل النحاة من الحديث
فمن ثم خرجت عباراتهم المشهورة عنهم في المسألة والتي يدندن حولها الباحثون باختلاف مشاربهم, فإن أصابوا في استقراء حال أوائل النحاة تجاه الحديث فلهم أجران وهذا ما نريد , وإن أخطأوا الطريق بعد اجتهاد منهم فلهم أجر اجتهادهم ولنا البحث عن الحق الذي جانبهم.
أخي الكريم، بارك الله فيك
أراك تسرع إلى استنباط أحكام عامة من غير أن تمهد لها الأسباب وتسرد عليها الأدلة القاطعة.
فإن كان بحثك هذا بحثا علميا، فيجب ألا تستسلم لأول خاطر يجيئك، فهذا أقوى معول لهدم نتائج البحوث العلمية.
وحتى بعد أن تسير على هدي طريقة البحث العلمي فعليك أن تقول: هذا ما توصلت إليه والله أعلم بالصواب.
أما أن تقطع أنهم جانبوا الصواب، وأنك توصلت إلى الحق الذي جانبهم، فليس هذا بمهيع أهل العلم.
وفي كلامك مغالطة واضحة، وهي الزعم بانفراد هؤلاء العلماء الثلاثة بما تقول، فالمعروف عكس قولك، وهو أن الكثرة الكاثرة من العلماء هم الذين يقولون بالمنع، والقلة القليلة هم الذين يقولون بالجواز، وكلام أبي حيان واضح جدا في هذا المعنى.
فإذا كان ولا بد من تخطئتهم، فلا يكون بإنكار ما عرف من مذهبهم، وبمحاولة ذكر أسباب لم يذكروها ولم يستنبطها أحد من قبلك فيما رأيت.
تقول: ... كان محاولة منهم في تفسير موقف أوائل النحاة من الحديث.
هذا الكلام لا نوافقك عليه، ولم تأت عليه بدليل واضح، بل كل ما ذكرته من أقوالهم تستطيع أن تفهم أنت منه ما ذكرت، ولكنا لا نوافقك على هذا الفهم.
ومعلوم أن البحوث العلمية لا تبنى على الفهم الفردي للباحث، بل لا بد أن يدعم البحث بالأدلة الواضحة من كلام أهل العلم.
ولم أقصد بردي عليك التقليل من جهدك، بارك الله فيك، وإنما أريد أن أرشدك إلى ما أظنه الصواب، لتكتمل جوانب بحثك، والله أعلى وأعلم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[03 - 02 - 06, 05:22 م]ـ
((تنبيه))
لا يصح الاستدلال بإيراد بعض النحاة لبعض الأحاديث على أنهم يذهبون للاحتجاج بالحديث في النحو أو اللغة، فيجب أن ننظر هل أوردوا الحديث استئناسا أو احتجاجا، وهل الحجة من الحديث أصلية أو تبعية، بمعنى أن موضع الشاهد قد يكون مشهورا في كلام العرب، وإنما ذكر الحديث على وجه الاستئناس وضرب المثال، وليس المراد أن يجعل وحده حجة.
وإذا تأملت قول ابن الضائع الذي ذكره أخونا أبو ثغر وجدت فيه هذا المعنى بعينه.
وأود أن أشير إلى فائدة مهمة في هذا الباب:
فقد أعجبني صنيع بعض العلماء في طريقة استشهادهم بالحديث:
وذلك أنهم يتتبعون ألفاظ الرواة المختلفة ليعرفوا هل رووا الحديث بالمعنى أو باللفظ؟
وتلك مسألة في غاية الأهمية، فلا يكفي أن تقول: إن هذا الكلام من تغيير الرواة حتى تجمع الطرق والروايات وتنظر في اختلاف الرواة.
فالحافظ ابن حجر مثلا حينما ذكر حديث (من يقم ليلة القدر غفر له) ذكر أن ابن مالك احتج بهذا الحديث على جواز أن يكون فعل الشرط مضارعا وجوابه ماضيا، ثم رد عليه ابن حجر بأن الحديث قد روي بعدة ألفاظ، فدل ذلك على تصرف الرواة في الرواية بالمعنى.
ومثال آخر ذكره ابن هشام في مغني اللبيب ردا على استدلال ابن مالك بحديث (أحب الناس إلي ما حاشى فاطمة) على استعمال (ما حاشا) في الاستثناء.
فذكر ابن هشام أن في رواية الطبراني (ما حاشى فاطمة ولا غيرها) فدل على أن هذا الكلام من لفظ الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد كنتُ كتبتُ بحثا من قديم في كلمة (انكسف) ردا على الجوهري والقزاز الذين أنكروها لغة، وتتبعت روايات الصحيحين في هذه اللفظة، فوجدتها ثبتت من رواية ثمانية من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فدل ذلك على صحتها من جهة الرواية وأن الرواة لم يتصرفوا فيها بالمعنى.
ـ[أبو ثغر]ــــــــ[09 - 02 - 06, 03:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي أبو مالك
-كتاب أبي حيان (تذكرة النحاة) ليس معي الآن , وجزاك الله خيرا على هذه الملاحظ الطيبة , ولكني وقت نقل هذه الفقرة كنت متأكدا من أنها لأبي حيان , فإلى أن تمسك يدي بالكتاب أرجو منك التأكد إن كان في متناولك.
ـ[أبو ثغر]ــــــــ[09 - 02 - 06, 03:55 م]ـ
-أما أني قلت أنه من آخر ما ألف؛ فلأنه كان يذكر في الكتاب بعض كتبه المشهورة مثل شرح التسهيل وارتشاف الضرب وغيره على ما أذكر , ولهذا قلت إنه من آخر ولم أقل آخر ما ألف.
ـ[أبو ثغر]ــــــــ[09 - 02 - 06, 03:56 م]ـ
- أما مسألة استقلال الحديث في وضع القواعد النحوية فما يقال في حقه يقال في حق غيره من الشواهد النحوية , ووضع الحديث بمفرده في قفص الاستقلالية أمر مرفوض لأن ما يرد على الحديث يرد على غيره من الشواهد , والقول بالاستقلالية عود على بدء في حجية الحديث في الاستدلال به على إثبات القواعد النحوية , وكم من قاعدة نحوية قامت على أبيات من الشعر أو قول مأثور ولم يقل أحد من المانعين باستقلال هذا النوع من الشواهد بغرض إسقاط القاعدة. وهذا الأمر يندرج تحت حد الكثرة التي يصح استنباط القاعدة منها , والخلاف فيه مشهور بين المدرستين , ولم نسمع أحدا منهم عرض بذكر الحديث بوصفه مستقلا أو غير مستقل إلا ما أبداه ابن الضائع رحمه الله تعالى بقوله: على وجه التبرك بالمروي؟؟؟
¥