إن اللغات كما لا يخفى وضعت للبيان و التعبير و هي نعمة جليلة امتن الله بها على عباده مرات في القرآن الكريم فقال" خلق الإنسان علمه البيان" و قال "ألم نجعل له عينين و لسانا و شفتين" الخ تلك الآيات الكريمة. فالقصد الأول هو التعبير و هو معيار الرقي بين اللغات فكلما كانت اللغة قادرة على التعبير كلما كانت صالحة للانتشار و الحيوية. و أقتصر هنا على ذكر عنصرين من عناصر البيان الكثيرة:
أولا إن اللغات ذات الأصوات المتقطعة (الحروف) لا شك أكثر بيانا من تلك التي تتزاحم فيها الأصوات حتى تكون أشبه ب"لَغْوَى" الطير و الحيوان و الملاحظ أن اللغات تتفاوت في هذه القاعدة تفاوتا عظيما.
ثانيا إن اللغة التي تعتمد على الحروف الشديدة أو المتوسطة تعلو في البيان على التي تكثر فيها الأصوات الرخوة
و من المعروف أن الكلمة التي تجتمع فيها حروف الشدة فقط تكون عسرة النطق و كذلك عكسها و أحسن المفردات تلك التي تمزج الصنفين مزجا. و من ما ينبني على هذه القاعدة أن الإبدال الصوتي يكون في أغلب الأحيان من رخو إلى أشد منه و هو أمر مطرد في جميع اللغات فحرف الثاء مثلا كل اللغات تبدله تاءا و هو مشاهد في اللهجات العربية و كذلك الفرنسية و الانجليزية مع حرف الثيتا اليوناني فإنهم ينطقونها تاء فيقولون تيوري (نظرية) بدل ثيوري اليونانية.
الملاحظة الثالثة:
تختلف العربية عن لغات اللاتين (و كذلك التركية) بكون تصاريف المفردة تتبع قواعد الأوزان كفاعل لمن يفعل و مفعول لمن يتأثر الخ و هو أمر شبه مطرد لا يكاد يخرج عنه إلا ما قل. أما اللغات المذكورة فتصاريف المفردة تكون بالتركيب أي بإضافة مقاطع قبل او بعد الجذر و يطلق على الجذر اسم راديكل (الفر) radical أو رووت (الانج) root و على ما يضاف قبل الجذر برفكس prefix(ed) و على ما يضاف آخره سفِّكس. و بناء على هذا الاختلاف فيجدر بمن يحب العربية أن يجنبها ما نراه اليوم من إدخال البرفكس و السفكس فيها فيقول بعض المنتسبين إليها مثلا "اللاإنسانية" أو "ما بعد الحداثة" و هي كما لا يخفى ترجمات حرفية لتراكيب لاتينية فإنن الدلالة على التلو في اللغات يعبر عنها بإضافة برفكس بوست post فيقولون مثلا بوست مودرن (بعد حديث) و عكس بوست آنتى بالإمالة Anté و الضد يعبر عنه بإضافة برفكس إن أو أن in الخ ...
الملاحظة الرابعة:
الذي ثبت عندي هو أن المثنى غير مختصين بلغتنا العربية. فاللغات الصقلابية كانت قديما تعرف المثنى و لكن فقدتها كلها إلا بقايا منه في الروسية و كذلك السلوفنية يطرد فيها المثنى و يلتزم. و من اللغات القديمة السنسكريتية و هي لغة الهندوس (اندثرت إلا بين العلماء) فيها المثنى. هذا ما أعرف عن وجود المثنى في غير العربية.
الملاحظة الخامسة:
لم أفهم ما قصد الأخ أبو مالك بكون الميم تنقلب نونا قبل الباء إذ الذي أعرفه يقينا أن الفرنسية تشبه العربية في قاعدة الإبدال إذ تنقلب النون قبل الباء و نظيرتها الشديدة و الميم إلى ميم إلا في مفردات قليلة أمثلة
im-passe,im-berbe, im-moral
هذا و الله اعلم
و السلام.
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[20 - 09 - 06, 09:27 ص]ـ
جزاكم الله خيرا كثيرا على هذه الفوائد .....
ـ[أسامة عباس]ــــــــ[20 - 09 - 06, 09:46 ص]ـ
ففي الروسية مثلاً قد يتتابع في النطق عندهم اكثر من اربعة أصوات ساكنة!
أتحيّر جدًا كلما حاولت تخيّل كيفية نطقها!
بل قد تصيبني سعلة وأنا أحاول أن أنطق أربعة حروف ساكنة متتالية!!
سبحان الله:)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[26 - 07 - 08, 06:13 ص]ـ
قال صديق حسن خان في غصن البان: ((وللأهاند لغة تسمى سنسكرت دونوا علومهم كلها في هذه اللغة، وفيها التثنية كالعربية)).
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[26 - 07 - 08, 02:40 م]ـ
الموضوع كما ذكر الإخوة شيق، فبارك الله في صاحبه
ولعل أحد الإخوة الأمازيغ يتحفنا بعجائب اللغة الأمازيغية ...
ـ[عبد]ــــــــ[28 - 07 - 08, 02:08 ص]ـ
قال صديق حسن خان في غصن البان: ((وللأهاند لغة تسمى سنسكرت دونوا علومهم كلها في هذه اللغة، وفيها التثنية كالعربية)).
يجدر بالذكر أن أحد القضاة البريطانيين أرجع كثيراً من أصول اللغات الأوروبية إلى السنسكريتية، حتى نشأ ما يسمى بعائلة اللغات الـ "الهندوأوروبية". ثم إني قمت بتتبع المفردات السنسكريتية فوجدت تشابهاً كثيراً بينها وبين كثير من المفردات العربية، وخاصة تلك الواردة في القرآن الكريم. فدفعني ذلك لمواصلة البحث، ودونت ملاحظاتي، ثم ضاعت مني الأوراق ولم أجدها إلى اليوم، ربما لأني لم أبحث جيداً، ولكن أسأل الله أن يوقفني عليها.
ـ[صالح العقل]ــــــــ[28 - 07 - 08, 02:28 ص]ـ
ثم إني قمت بتتبع المفردات السنسكريتية فوجدت تشابهاً كثيراً بينها وبين كثير من المفردات العربية، وخاصة تلك الواردة في القرآن الكريم. فدفعني ذلك لمواصلة البحث، ودونت ملاحظاتي، ثم ضاعت مني الأوراق ولم أجدها إلى اليوم، ربما لأني لم أبحث جيداً، ولكن أسأل الله أن يوقفني عليها.
يسرها الله لك.
¥