تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[16 - 02 - 06, 08:32 ص]ـ

حكم الاتكاء على السيف في الخطبة:

قال بسُنّية الاتكاء على السيف في الخطبة المالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3).

واستدلوا بأن في ذلك إشارة إلى أن ذلك الدين فُتح بالسيف.

وخصه الأحناف (4) بالبلاد التي فُتحت عنوة.

واستدلوا بأن ذلك ليري أهلها أن بلادهم فتحت بالسيف وأنهم إذا ارتدوا؛ فسيقاتلهم المسلمون.

والراجح:

أن الاتكاء على السيف لا يُشرع؛ فقد قال ابن القيم:

((ولم يُحفظ عنه أنه توكأ على سيف، وكثير من الجهلة يظن أنه يُمسك السيف على المنبر إشارة إلى أن الدين فُتح بالسيف، وهذا جهل قبيح من وجهين:

- أحدهما: أن المحفوظ أنه – صلى الله عليه وسلم – توكأ على العصا والقوس.

- الثاني: أن الدين إنما قام بالوحي، وأما السيف فلمحق أهل الضلال والشرك، ومدينة النبي – صلى الله عليه

وسلم – التي كان يخطب فيها إنما فتحت بالقرآن، ولم تفتح بالسيف)) (5).

وقال -أيضًا-: ((ولم يكن يأخذ بيده سيفاً ولا غيره، وإنما كان يعتمد على قوس أو عصا قبل أن يتخذ المنبر، وكان في الحرب يعتمد على قوس، وفي الجمعة يعتمد على عصا، ولم يحفظ عنه أنه كان يعتمد على سيف، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائماً، وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف فمن فرط جهله، فإنه لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس ولا غيره، ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفاً البتة، وإنما كان يعتمد على عصا أو قوس)) (6).

قلت: وهذا كلام نفيس، ولكن قوله: ((وكان في الحرب يعتمد على قوس، وفي الجمعة يعتمد على عصا))، ليس بصواب فإن عمدته في ذلك حديث سعد القرظ السابق تحقيقه وهو حديث ضعيف.

وقوله: ((وإنما كان يعتمد على قوس أو عصا قبل أن يتخذ المنبر) وكذا قوله: ((لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس ولا غيره)).

تعقبه الزرقاني في بقوله: ((كيف؟! وفي أبي داود:

((كان إذا قام يخطب أخذ عصاً، فتوكأ عليها، وهو على المنبر)) (7)!

وتعقب الألبانيُّ الزرقانيَّ بأن زيادة: ((وهو على المنبر)) لا أصل لها (8).

قلت: الذي أوقع الزرقاني في هذا قول ابن القيم نفسه: ((وكان إذا قام يخطب أخذ عصاً، فتوكأ عليها وهو على المنبر، كذا ذكره أبوداود عن ابن شهاب)) (9).

وقد ذكرنا لفظه فيما سبق، وليس فيه: ((وهو على المنبر)).

ولكن الأحاديث التي سقناها تفيد العموم، ولم يأت التخصيص، فقول ابن القيم السابق، وكذا الألباني حيث قال: ((وجملة القول: أنه لم يرد في حديث أنه – صلى الله عليه وسلم – كان يعتمد على العصا أو القوس وهو على المنبر))!

كلاهما مُتَعَقَّب؛ فإن فاطمة بنت قيس قالت: ((وطعن بمخصرته في المنبر) وابن الزبير كان يفعل ذلك وهو على المنبر قال هشام بن عروة: ((رأيت عبدالله بن الزبير بمكة يصعد المنبر يوم الجمعة، وفي يده عصا فيسلم، ثم يجلس على المنبر، ويؤذن المؤذنون، فإذا فرغوا من آذانهم؛ قام فتوكأ على العصا، فخطب .... )).

هذا، وأيضاً فباقي الأحاديث مطلقة، ولم يثبت ما يخصصها في حديث صحيح، فتخصيصها تحكم.

وحكي الإجماع في ذلك، فقد قال القرطبي:

((والإجماع منعقد على أن الخطيب يخطب متوكئاً على سيف أو عصا)) (10)!

قلت: وهذه الدعوى لست بصحيحه، فإن الاتكاء على العصا كرهه بعض الأحناف.


(1) انظر: ((الشرح الصغير)) (1/ 169)، و ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/ 307).
(2) انظر ((المجموع)) (4/ 447)، و ((تحفة المحتاج)) (2/ 463)، و ((مغني المحتاج)) (1/ 290)، و ((الإقناع)) للشربيني (1/ 381).
(3) انظر ((المغني)) (2/ 23)، و ((الفروع)) (2/ 119)، و ((الإنصاف)) (3/ 387)، و ((الروض المربع)) (ص 125).
(4) انظر: ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص 334).
(5) ((زاد المعاد)) (1/ 190).
(6) ((زاد المعاد)) (1/ 429)، وقال نحوه علي محفوظ في ((الإبداع في مضار الابتداع)) (ص 214) وابن عثيمين في ((الشرح الممتع)) (5/ 83 – 85).
(7) ((شرح المواهب اللدنية)) (7/ 394).
(8) ((السلسلة الضعيفة)) (2/ 380).
(9) ((زاد المعاد)) (1/ 198).
(10) ((التفسير)) (11/ 188).

ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[16 - 02 - 06, 08:36 ص]ـ
واستدلوا ببعض الأحاديث التي ذكرناها ......

ولكن الأحاديث التي سقناها تفيد العموم، ولم يأت التخصيص

أقصد في كتابي فهذه المسألة، وأنا أنقل منه، وأكثر الأحاديث في هذه المشاركة:
الإعلام بأن اتكاء الخطيب على القوس أو العصا من سنن خير الأنام
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=68154
وهو من المواضيع المفقودة.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير