تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(الثَّالِثُ): قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ: كَانَ شَيْخُنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ [ص: 247] تَيْمِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَذْكُرُ فِي سَبَبِ الذُّؤَابَةِ شَيْئًا بَدِيعًا , وَهُوَ أَنَّ {النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا اتَّخَذَهَا صَبِيحَةَ الْمَنَامِ الَّذِي رَآهُ بِالْمَدِينَةِ لَمَّا رَأَى رَبَّ الْعِزَّةِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ اخْتَصَمَ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قُلْت: لَا أَدْرِي فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَعَلِمْت مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} , الْحَدِيثَ , رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ سَأَلَ الْبُخَارِيَّ عَنْهُ فَصَحَّحَهُ.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: فَمِنْ تِلْكَ الْغَدَاةِ أَرْخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذُّؤَابَةَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: وَهَذَا مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي تُنْكِرُهُ أَلْسِنَةُ الْجُهَّالِ وَقُلُوبُهُمْ , قَالَ: وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الْفَائِدَةَ فِي شَأْنِ الذُّؤَابَةِ لِغَيْرِهِ.

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو زُرْعَةَ بْنُ الْحَافِظِ أَبِي الْفُضَيْلِ الْعِرَاقِيِّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى , وَفِي تَذْكِرَتِهِ بَعْدَ أَنْ سَاقَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ: إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَهُوَ رِحْلَةٌ وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْهُ التَّجَسُّمُ لِأَنَّ الْكَفَّ يُقَالُ فِيهِ مَا قَالَهُ أَهْلُ الْحَقِّ فِي الْيَدِ فَهُمْ مِنْ بَيْنِ مُتَأَوِّلٍ وَسَاكِتٍ عَنْ التَّأْوِيلِ مَعَ نَفْيِ الظَّاهِرِ.

قَالَ: وَكَيْفَ مَا كَانَ فَهُوَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ وَمِنَّةٌ جَسِيمَةٌ حَلَّتْ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَقَابَلَهَا بِإِكْرَامِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ الَّذِي حَصَلَتْ فِيهِ تِلْكَ النِّعْمَةُ.

قُلْت: وَرَأَيْت بَعْضَ مَنْ أَعْمَى اللَّهُ بَصِيرَتَهُ , وَأَفْسَدَ سَرِيرَتَهُ , وَتَشَدَّقَ وَصَالَ , وَلَقْلَقَ فِي مَقَالَتِهِ وَقَالَ هَذَا عَلَى اعْتِقَادِهِ , وَأَخَذَ فِي الْحَطِّ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَتِلْمِيذِهِ , وَزَعَمَ أَنَّهُ نَصَرَ الْحَقَّ فِي انْتِقَادِهِ , وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ هَوَى فِي مَهَاوِي هَوَاهُ , وَلَهُ وَلَهُمَا مَوْقِفٌ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ , وَحِينَئِذٍ تَنْكَشِفُ السُّتُورُ , وَيَظْهَرُ الْمَسْتُورُ.

وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَخُوضُ فِي حَقِّ مَنْ سَلَفَ , وَإِنْ كَانَتْ مَقَالَتُهُ أَقْرَبَ إلَى الضَّلَالِ وَالتَّلَفِ , لِأَنَّ النَّاقِدَ بَصِيرٌ.

وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ. .

مَطْلَبٌ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَذْبَةٌ طَوِيلَةٌ.

(الْخَامِسُ): قَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لَهُ كَمَا فِي السِّيرَةِ الشَّامِيَّةِ نَقْلًا عَنْ مَنْ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ {كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَذْبَةٌ طَوِيلَةٌ نَازِلَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَتَارَةً عَلَى كَتِفِهِ} , {وَأَنَّهُ مَا فَارَقَ الْعَذْبَةَ قَطُّ} , {وَأَنَّهُ قَالَ: خَالِفُوا الْيَهُودَ وَلَا تُصَمِّمُوا فَإِنَّ تَصْمِيمَ الْعَمَائِمِ مِنْ زِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ}.

{وَأَنَّهُ قَالَ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عِمَامَةٍ صَمَّاءَ}.

قَالَ الشَّمْسُ الشَّامِيُّ: قَالَ الشَّيْخُ: قَوْلُهُ: طَوِيلَةٌ لَمْ أَرَهُ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ أَحَادِيثِ إرْخَائِهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ.

وَقَوْلُهُ: وَتَارَةً عَلَى كَتِفِهِ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مِنْ لُبْسِهِ لَكِنْ مِنْ إلْبَاسِهِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ خَالِفُوا الْيَهُودَ وَحَدِيثُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عِمَامَةٍ صَمَّاءَ فَلَا أَصْلَ لَهُمَا.

وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: مَنْ عَلِمَ أَنَّ الْعَذْبَةَ سُنَّةٌ فَتَرَكَهَا اسْتِنْكَافًا عَنْهَا أَثِمَ , أَوْ غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ فَلَا.

[ص: 249] قُلْت: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا كَرَاهِيَةُ الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير