[مسجد لا يقام فيه صلاة الجمعة، هل يعتبر مسجدا؟]
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[16 - 01 - 06, 03:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[مسجد لا يقام فيه صلاة الجمعة، هل يعتبر مسجدا؟]
وجزاكم الله خيرا
ـ[ابو عمر القرشي]ــــــــ[16 - 01 - 06, 06:25 م]ـ
نعم يعتبر مسجد. وللاستزداه يراجع كتاب احكام المسجد للشيخ عبدالله العسكر وانقل لك جزء منه.
التعريف في اللغة:
لفظ المسجد يدور في مفهومه ومعناه حول مادة (سَجَدَ)، فلا بد من التعرف على معنى هذه المادة؛ من أجل الوصول إلى المعنى المراد للمسجد.
جاء في (مختار الصحاح): " سَجَدَ: خضع ومنه سُجُودُ الصلاة وهو وضع الجبهة على الأرض ... والاسم السِّجْدَةُ بكسر السين،و السَّجَّادَةُ: الخُمْرة ... والمَسْجَدُ بفتح الجيم جبهة الرجل حين يصيبه أثر السجود. ()
وجاء في (لسان العرب) ():
" سَجَدَ يَسْجُدُ سجوداً وضع جبهته بالأَرض، وقوم سُجَّدٌ سجود ... والمَسْجَدُ المسجِد الذي يسجد فيه، والمِسْجَدَةُ: السَّجَّادَةُ والخُمْرَةُ المسجود عليها. والمَسْجَدُ بالفتح جبهة الرجل حيث يصيبه نَدَبُ السجود. وقوله تعالى: (وأن المساجد للَّه)؛ قيل: هي مواضع السجود من الإِنسان الجبهة والانف واليدان والركبتان والرجلان. وقال الليث في قوله عز وجل (وأن المساجد للَّه) قال: السجود مواضعه من الجسد والأَرض مساجد واحدها مسجَد.وقال: المسجِد اسم جامع حيث سُجد عليه وفيه. فأَما المسجد من الأَرض فموضع السجود نفسه "
وجاء في (القاموس المحيط) ():
سَجَدَ: خَضَعَ، وانْتَصَبَ، ضِدٌّ. ().
وأسْجَدَ: طَأْطَأَ رَأسَهُ، وانْحَنَى، وأدامَ النَّظَرَ في إمْراضِ أجْفانٍ.
والمَسْجَدُ، كمَسْكَنٍ: الجَبْهَةُ، والآرابُ السَّبْعَةُ مَساجِدُ.
والمَسْجِدُ: المَسْجَدُ، وسَجِدَتْ رِجْلُهُ، كفَرِحَ: انْتَفَخَتْ، فهو أسْجَدُ.
والأسْجادُ في قولِ الأسْوَدِ بنِ يَعْفُرَ:
من خَمْرِ ذِي نُطَفٍ أغَنَّ مُنَطَّقٍ وافى بها كدراهِمِ الأسْجادِ
... وعَيْنٌ ساجِدَةٌ: فاتِرَةٌ.
ونَخْلَةٌ ساجِدَةٌ: أمالَها حَمْلُها، وقولُه تعالى: {وادْخُلوا البابَ سُجَّداً}، أي: رُكَّعا
وجاء في (مفردات القرآن) ():
" سجد- السجود أصله: التطامن (التطامن: الانحناء) والتذلل، وجعل ذلك عبارة عن التذلل لله وعبادته، وهو عام في الإنسان، والحيوانات، والجمادات، ... والمسجد: موضع الصلاة اعتبارا بالسجود ".
التعريف الشرعي:
هناك تعريفات قصرت مفهوم المسجد على جزء من المعنى المراد الذي يدور عليه هذا البحث.فمن ذلك:
قال الزجاج: "كل موضع يتعبد فيه فهو مَسْجِدٌ. أَلا ترى أَن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال "جعلت لي الأَرض مسجداً وطهوراً " ()
وهنا نلحظ أن الزجاج عمم مفهوم المسجد بكل ما تقام فيه العبادة، وعلى هذا فالكنيسة والبيعة والصومعة _ على هذا التعريف _ تعدُّ مسجداً!! لأنها مكان يتعبد فيه. ولاشك أن هذا التعريف غير مراد هنا.
وقد عرفه ابن الأعرابي بقوله:" مسجَد بفتح الجيم محراب البيوت؛ ومصلى الجماعات " ()
وهذا المعنى فيه عموم أيضا، وإن لم يكن كالعموم في تعريف الزجاج. فهنا قد أدخل محاريب البيوت، وكذلك المصليات التي تقام فيها الجماعات. وهذا ليس هو المراد من هذا البحث، فإن المصلى له أحكام تختلف عن المسجد، كما سنذكر ذلك في طيات البحث _ إن شاء الله _
والتعريف الذي يختاره الباحث ويميل إليه مأخوذ من تعريف النبي صلى الله عليه وسلم للمسجد؛ وذلك حين أرشد ذلك الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد (وكان جاهلا لم يعرف حرمة المسجد ولا ماذا يعني) فقال له صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ " ()
من خلال ذلك التعريف النبوي يتضح أن المسجد هو:
مكان مخصوص له أحكام مخصوصة بني لأداء عبادة الصلاة وذكر الله وقراءة القرآن.
ومما يعضد هذا التعريف قول الله تعالى في كتابه الكريم: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار) ()
ومن خلال التعريف اللغوي واشتقاقاته يتبين أن تلك الاشتقاقات تعود إلى معنيين:
الأول: أن المسجِد هو مكان العبادة.
الثاني: أن المسجِد هو موضع السجود.
وكلا المعنيين يشتمل عليه التعريف الشرعي: فإن المسجد هو المكان الذي تقام فيه الصلاة، والصلاة عبادة من العبادات، فهو مكانها الأصلي الذي تؤدى فيه.
وكذلك فإن من أبرز معالم الصلاة وحركاتها السجود. والسجود:هو وضع الجبهة على الأرض، وهذه الأرض التي يسجد عليها هي المسجد؛ بناء على ما قرره الباحث من أن الصلاة تقام في الأصل في المسجد.
¥