أن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه صحب النبي ? عشر سنين وأبي بكر وعمر وعثمان خمساً وعشرين سنة، فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، فدل ذلك على أنهم ما كانوا يقرؤون دعاء الاستفتاح في الصلاة.
الدليل الثاني:
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ? دخل المسجد فدخل رجل فصلى فسلم على النبي ? فقال: (ارجع فصل فإنك لم تصل) ثلاثاً، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني، فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم إقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، وافعل ذلك في صلاتك كلها) ()
وجه الدلالة:
أن رسول الله ? علم هذا الصحابي كيف يصلي فقال له: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم إقرأ ما تيسر معك من القرآن) ولم يأمره بقراءة دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام فدل ذلك على عدم سنيته.
المطلب الثالث:الجمع بين صيغ أدعية الاستفتاح في وقت واحد،
وهو مذهب الشافعي، (1) وقول أبي يوسف وغيره من الحنفية، (2) وابن هبيرة الوزير وابن تيمية من الحنابلة، (3)
واستدلوا على ذلك بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين …) (4)
قال النووي: قال جماعة من أصحابنا: منهم أبو إسحاق المروزي والقاضي أبو حامد: السنة أن يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول بعده وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين …، قال وإن كان إماماً لم يزد على قوله (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً …) وإن كان منفرداً أو إماماً لقوم محصورين لا يتوقعون من يلحق بهم ورضوا بالتطويل استوفى حديث علي كاملاً ويستحب معه حديث أبي هريرة رضي الله عنه (1) قلت ولفظ حديث أبي هريرة (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس (1)،
اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج (2) والماء والبرد) (3)، (4)،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: رحمه الله في كتابه قاعدة في أنواع الاستفتاح أفضل أنواع الإستفتاحات ما كان ثناء محضاً، مثل سبحانك الله وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وقوله، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، لكن ذاك فيه من الثناء ما ليس في هذا فإنه تضمن ذكر الباقيات الصالحات التي هي أفضل الكلام بعد القرآن، وتضمن قوله، تبارك اسمك، وتعالى جدك، وهما من القرآن أيضاً، وبعده النوع الثاني، وهو الخبر عن عبادة العبد، كقوله، وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إلى آخره، وهو يتضمن هذا النوع، ويتضمن الدعاء، وإن استفتح العبد بهذا بعد ذاك فقد جمع بين الأنواع الثلاثة، وهو أفضل الإستفتاحات كما جاء ذلك في حديث مصرِّحاً، (1) وهو اختيار أبي يوسف وابن هبيرة الوزير من أصحاب أحمد، صاحب الإفصاح، وهكذا أستفتح أنا، (2) وقال في مجموع الفتاوى: النوع المفضول من دعاء الاستفتاح مثل حديث أبي هريرة، (1)
قلت بل حديث أبي هريرة هو أصحها لأنه متفق عليه، وكان يقوله صلى الله عليه وسلم في الفريضة، وغيره من الصيغ كلها واردة في قيام الليل وإن كان بعضها ورد أيضاً في الفريضة، ولا يوجد منها خاص بالفريضة ولم يرد في قيام الليل إلا حديث أبي هريرة،
قلت: ورُوي أيضاً الجمع بين سبحانك اللهم وبحمدك وبين وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض من حديث علي بن أبي طالب ولكنه حديث موضوع، (2)
¥